* جدة - صالح عبد الله الخزمري:
التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية كتاب كان وما يزال مثار جدل ونقاش نظراً لصبغة الكتاب التنويرية .. جماعة حوار بنادي جدة الأدبي اختارت هذا الكتاب ضمن ما يقدم في خطاب التنوير.
د.عبد العزيز السبيل - أستاذ الأدب الحديث بجامعة الملك سعود بالرياض قدم قراءة حول كتاب التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية لمؤلفه عبد الله عبد الجبار. حيث اعتبر ورقته شرفاً لكونه يتحدث عن رائد له ريادته التنويرية فهو البحر من اي النواحي أتيته رؤية وإبداعاً.
وبدأ أن السؤال الذي يستوقف قارئ الكتاب هو مسمى العنوان (التيارات الأدبية في قلب الجزيرة العربية) مع أن اسم المملكة قد ورد كثيراً في الكتاب بصيغ مختلفة).. والكتاب كما يؤكد مؤلفه يحمل جانباً تنويرياً حرص على البدء به د. السبيل يبدأ الإبحار في كتاب عبد الجبار حيث يرى أن مؤلفه بدأ بمقدمة تاريخية يشير فيها إلى أن جمهرة المتأدبين لا يكادون يفقهون عن أدب الجزيرة العربية الشيء الكثير فلابد من إعطائهم شيئاً من ذلك.
ولكن عبد الجبار كما يرى د. السبيل لم يقف عند الأدب بل زاد على ذلك في نواحٍ تاريخية وسكانية وجغرافية وكذلك في العادات والتقاليد.
والكتاب يتسم بالشمولية وهو ما ندر أن يوجد في كتاب واحد فهو مرجع مهم لأبناء الجزيرة العربية،والقارئ للكتاب تستوقفه الموضوعية في سرد الأحداث.
اما الحديث عن الجوانب التنويرية في الكتاب فيصعب حصرها، وهذه الحوادث لا يقدمها وإنما يسجلها، وفي حديثه عن الصحافة يشير إلى جريدة الأضواء.
ومن الجوانب التنويرية رأيه في الرقيق حيث قال: ولا أدري متى تنقشع عن بلادنا هذه السبة، وقد زالت هذه السبَّة بفضل الله حيث اصدر الملك فيصل - رحمه الله - أمره بتحرير الرقيق..وعند حديثه عن الهجرة إلى الحجاز يدعوإلى تنظيم هذه الهجرة وهذا رأي اقتصادي في وقت مبكر.
وبعد هذه المقدمة جاء الأبرز في الكتاب وهو الحديث عن التيارات الأدبية حيث يفصل الحديث عن ميلاد الأدب الحديث في سنة 1916م ويشير إلى العوامل المؤثرة في الأدب ولا يقتصر على الفصيح بل الشعبي أما الرمزية في الشعر فيتوقف عندها؛ فالرمزية يلجأ إليها لعامل خارجي ويستشهد بقصيدة الدودة لحسين سرحان وحمزة شحاته ويتحدث عن كثير من رواد الشعر الرمزي في كثير من شعراء العالم.
ويمكن القول: إن هذه الرمزية التي ينطلق منها الشعراء رمزية تغليف وليست رمزية مذهب نظراً للظروف السياسية والاجتماعية.
الحديث عن التيارات الأدبية جاء خاتمة الكتاب وهو الموضوع الرئيسي. أما التيارات الأدبية التي يتناولها فقد تناول التيارات : الرومانسي والكلاسيكي والواقعي.
وفي رؤاه النقدية يتسم بالقسوة والحدة حين يكون الشعر بعيداً عن ذائقته الفنية، وخلال الحديث عن التيارات الأدبية يعتمد على تقديم الأمثلة.
التيار الواقعي يحتل جزءاً كبيراً في الكتاب وكأنه الموضوع الرئيسي وحين قسم التيار الواقعي الى عدة تيارات فإن ما أسماه التيار الاجتماعي يمثل الواقعية النقدية، ولم يكن عبد الجبار في كتابه متوسعاً في النقد الفني وهو رائد الاتجاه الواقعي دون ريب ولكن من الصعب أن نجزم بوجود مدرسة واقعية نقدية..ونحن نقرأ التيارات الأدبية علينا أن نتساءل إن كانت ظروف الكتاب الزمنية والمكانية قد لعبت دوراً في هذا الاتجاه.
وعنوان الكتاب يبدو خادعاً، وقد جاء الجزء الثاني حيث خصصه للنثر وتحديداً لفن المقالة جناية اخرى سيتحملها اسم الكتاب؛ فالحقيقة أن أكثر من نصف الكتاب لا علاقة له بالأدب على انه يؤرخ لفترة مهمة من تاريخ المملكة.
وبعد هذه القراءة الواعية جاءت المداخلات التي أثرت الأمسية حيث حملت جدلاً بين من يرى ان الورقة احتفت بعبد الجبار ومن يرى موضوعيتها.
- عبد الله عبد الجبار عضو في جماعة حوار هكذا تشعر د. لمياء باعشن حيث إن كتاب التيارات الأدبية يرصد لنا كل تنوير اجتماعي وترى د.لمياء انه صاحب حس نقدي عالٍ.
- توأمة عجيبة بين د. السبيل وعبد الله عبد الجبار في رأي د. عبد المحسن القحطاني وقال: انا اتفق مع د. السبيل أن المرحلة التاريخية كانت مرحلة مهمة في أن يبدأ عبد الله عبد الجبار بمحاضراته.
وتساءل: هل عقلاً توزيع عبد الجبار للتيارات دقيقاً؟!!
ويرى أنه اعتمد على توزيع النصوص وأهمل الأشخاص.
- الكتاب ذو قيمة عالية كما ترى سهام القحطاني وترى انه من الصعوبة ان نضبط معايير التنوير في مجتمعنا نتيجة لاتساع الأقاليم واختلاف الثقافات.
ورقة د. السبيل كانت أقرب إلى الاحتفالية مع أن رواد التنوير لأهمية أعمالهم لابد أن يلقى عليها نظرة متمعنة، هكذا يرى سحمي الهاجري مخالفاً الجميع والكتاب في رأيه عبارة عن محاضرات وعبد الجبار مجَّده أكثر من اللازم.
- الخطاب في محاضرات عبد الجبار لدى أمل القثامي يعتبر نقطة تحول مع ان تصنيف عبد الجبار هو مجرد تقليد لجأ اليه مقلداً وخاصة بعض الكتب في مصر.
- حسين بافقيه يرى أن ورقة د. السبيل سلَّطت الضوء على الجانب الثقافي في المملكة على أحد الرموز صاحب الرمز الأول للنقد المنهجي، عبد الجبار كان مسكوناً بمركزية الحجاز وكان من النقاد الذين استطاعوا ان يتفاعلوا مع النقاد في العصر الحديث وبالذات في مصر. ويبدو أنه كان متشائماً أحياناً وتلك من سمات الواقعية، وكان مسكوناً بالرومانسية.
_ مسألة رجوعنا الآن إلى الخطاب التنويري وبهذا الإلحاح في رأي د. عالي القرشي ليس فيه مدعاة غرابة من التطور الواقعي الذي يفترض أننا تطورنا إليه.
وأضاف أريد الإشارة أن مؤلف الكتاب يعي أن كتابه في التيارات الأدبية ومع ذلك نجده يعتذر عن الدراسة الفنية أو دراسة الأسلوب.. فأرى انه ينقلب على التلقي الأدبي.
- كيف يؤثر الكتاب وهو خارج الوطن؟! سؤال يطرحه عبده خال.
- د. محمد ربيع - يرى أن د. السبيل قدم رؤية بانورامية إلى حد كبير ورؤية شاملة ولذلك اثارت العديد من الأسئلة، وقد أعجبني تساؤله حول العنوان، وأعتقد أن غلبة غير الأدب على الأدب واضحة ولاحظت أن ما يثير عبد الجبار الثورة الثورية.
حينما أخلص عبد الجبار للمفاهيم النقدية في آخر الكتاب سطَّحها.
- على المالكي شكر د. السبيل وتساءل عن تعامل عبد الجبار في غالب النصوص مع ظاهر النص أكثر من استيطان النص.
- الكتاب انتقائي وليس معنياً بجماليات النص.. هذا ما يراه على الشدوي ودخل من عنوان الكتاب الفرعي حيث إن مكونات الكتاب ستتأثر بأهداف المؤسسة التي هو في إطارها.
عبد الجبار لم يؤلف لأنه أراد أن يؤلف وإنما أجاب على متطلبات المتلقين، أما شهرة الكتاب فهو سوء فهم قارئه.
- الاختلاف حول الكتاب ظاهرة صحية تؤكد ان الكتاب مايزال حياً هذا ما يؤكده د. حسن النعمي رئيس جماعة حوار.
* جاء بعد ذلك تعليق د. عبد العزيز السبيل على المداخلات حيث اعجب برأي سحمي الهاجري في ان الورقة احتفائية وليست نقدية، وقال: لقد كان في الكتاب منهجية وأكاديمية وفي أجزاء منه ربما لكونه في مكان أكاديمي في تعليق على مداخلة د. عياد باعشن.
والرؤية الاجتماعية مسألة مهمة جداً فنحن نتحدث عن وطن واحد همه مشترك.
أما عن التقسيمات التي سألت عنها أمل القثاني فيرى ان أسباب ظهورها في المجتمع كوننا لسنا مجتمعا منعزلاً فنحن في تواصل كبير وعلق وأضاف على بعض المداخلات الأخرى.
|