مع الأستاذ إبراهيم السويلم في موسوعته أوائل الإصدارات.. والخاص منها بدولة قطر
عبد الكريم إبراهيم السمك

من الفيكونت دي طرازي إلى الأستاذ إبراهيم السويلم (صاحب موسوعة أوائل الإصدارات). يعتبر فيليب طرازي صاحب أول موسوعة عن الصحافة العالمية والعربية والشامية، وكتابه (تاريخ الصحافة العربية) الذي كان عدد أجزائه أربعة أجزاء جمعها في مجلدين، وتم له نشرهما مع مطلع العقد الثاني من القرن العشرين، يعتبر من أنفس الكتب في تاريخ الصحافة ونشأتها، كما يعتبر من الكتب الموسوعية وخاصة في مادة الصحافة ونشأتها في القديم وفي الحديث، مع سرد مسهب عن رجالات الإعلام والصحافة بتراجم جميلة لهم، ولا سيما أن هذه التراجم التي كتبها قد عاصر فيها أصحابها.
ومن هنا جاء وجه الربط والعلاقة بين الاثنين - طرازي والسويلم - فإذا كان طرازي صاحب أول موسوعة في الصحافة العربية في نشأتها وتاريخها وقوانينها ورجالاتها، فإن الأستاذ إبراهيم السويلم قد خص وانفرد بموسوعته عن نهج طرزي في عمله، فقد نهج الأستاذ إبراهيم السويلم في موسوعته جمع أوائل الاصدارات لكل دولة من دول الجزيرة العربية واصدارها في جزء خاص بتلك الدولة، فالحلقة الأولى من موسوعته هذه كانت في المملكة العربية السعودية، حيث جمع أكثر من ثمانمائة وخمسين مادة في هذا الجزء، ثم تلا ذلك القسم الخاص بعمان وها هو يقدم إلى المكتبة العربية القسم الثالث من موسوعته، والذي جاء خاصا بدولة قطر، حيث استطاع حصر وجمع مائة وثلاثة إصدارات، كان الأول منها النشرة الشهرية لأخبار شركة نفط قطر، وقد صدرت هذه النشرة في عددها الأول في شهر أيار لسنة 1960م كما ذيل هذا الجزء الخاص بدولة قطر بفهرس عام عن إصدارات قطرية على شكل نشرات بلغ عددها أربعا وأربعين نشرة، منها العلمية والصناعية والصحية والمالية والأدبية والدبلوماسية والزراعية والمدنية والحيوانية والدينية. وقد بلغ عدد صفحاته (114) صفحة، وقد علمت منه أن القسمين المعنيين بكل من اليمن والكويت قيد الانتهاء من الطباعة، أما عن عمل الأستاذ السويلم في هذه الموسوعة فقد اتسم بالجهد الشخصي له لإخراج هذه الموسوعة، القائمة بالاصل على هوايته في قضية اقتناء أوائل الاصدارات في أي بلد كان، وعندما اكتملت لديه مجموعة أوائل الاصدارات لكامل دول شبه الجزيرة العربية ذهب في نشرها في سلسلة إصدارات خص فيها كل بلد بأوائل إصداراته.
ولي ملاحظة على جهد وعمل الأستاذ السويلم وإن كانت هذه الملاحظة لا تذهب بجهد الرجل وعمله الجليل، فلو أن الأستاذ السويلم كان قد خص في مطلع كل جزء من أجزاء هذه السلسلة بمقدمة في نشأة الصحافة وقوانينها فيما هو خاص بكل جزء أو دولة جاء هذا الجزء خاصا بها، لكان العمل أفضل وأقوم، وقد لاحظت وهو الأصل أن جميع الدراسات التي عنيت بنشأة الصحافة في أي منطقة كانت، إنما يتقدم ذلك دراسة منهجية علمية خاصة بموضوع الصحافة، من نشأة وتاريخ وتكوين وأعلام، فطرازي قد قدم موسوعته بأحلى حللها عندما تكلم عن الصحافة العربية ضمن الإطار العلمي والمنهجي الخاص بالنشأة والتاريخ والرجال من أعلام الصحافة، كما نهج على ذلك صاحب كتاب الصحافة السورية في مائة عام وهو جوزيف الياس الذي حصر الصحافة السورية بين سنتي 1865م وسنة 1965م. وقد جاء على تعريف كل صحيفة ومع عرض لشكل رأسية تلك الصحيفة أو المجلة، فجاء الكتاب في مجلدين، أسهب صاحب الكتاب في هذه الدراسة، في الحديث عن قوانين الصحافة ونشأتها وتواريخ إصداراتها.
ولا يغيب عن بالنا الموسوعة الصحفية التي نشرتها المنظمة العربية للعلوم، التابعة للجامعة العربية، وقد صدرت هذه الموسوعة في ستة مجلدات وهي جميلة وعلمية وجديرة بالاقتناء حيث تكلمت عن نشأة الصحافة في جميع الأقطار العريبة والمنتسبة للجامعة العربية.
وإن حديثي هذا في ضرورة ما كان يلزم أن يعمله الأستاذ إبراهيم لا ينتقص من حق الكتاب ولا من جهد صاحبه، فما أقدم عليه من عمل جليل إنما هو قد كان بجهد شخصي تحمل من أجله العناء والتعب في جمع مادته هذه وذلك عن طريق السفر لخارج بلده، بقصد جمع مادته العلمية، إضافة لمعاناته خلال هذه الأسفار من المشقة والمتاعب كي يحصل على ما يريد الحصول عليه، ولما لم يجد من يمد له يد العون سواء بالرعاية أو الاشراف على هذا العمل العظيم، نهض فيه بنفسه ليخدم المكتبة الإعلامية العربية بهذا العمل الكبير تاركاً لمن وراءه إتمام المسيرة التي كان قد بدأها... سلمه الله.