تعليقاً وتعقيباً على ما نشر في هذه الصفحة من مواضيع تتعلق بالمعلم ونصابه من الحصص، أقول لا شك أن تدريس المرحلة الابتدائية (وتحديداً الصفوف المتقدمة منها) تعتبر من أهم مراحل التعليم العام على الاطلاق، فهي الاساس ومنها الانطلاق. ولأهمية وخصوصية هذه المرحلة، احببت ان أقدم بين يدي القارىء الكريم ما يجود به قلمي من تأملات وخواطر حول واقع وحال معلمي الصفوف الأولية في مدارسنا. ولعلي أوجزها بثلاث نقاط رئيسية، تتمحور في (ماهية من يقومون بتدريس تلك المرحلة، وأسباب حرص بعض المعلمين لتدريسها، وضوابط الترشيح لمن يرغبها)، فأقول مستعيناً بالله:
الوقفة الأولى: هي تأمل في حال من يقومون بتدريس هذه المرحلة من المعلمين، خبراتهم؟ مدى تطلعاتهم؟ انتاجيتهم؟ وغير ذلك من متطلبات المعلم بصفة عامة وتتأكد في من أؤكد اليهم تدريس الصفوف الأولية بصفة خاصة، وحتى لا نكون مجحفين في حكمنا، ونرمي بالنظرة السوداوية لواقعنا، أقول: إن الساحة التعليمية لا تخلو من اساتذة مخلصين ومبدعين بذلوا قصارى جهدهم في سبيل تحقيق اسمى النتائج التربوية، بل ان منهم من قد ينفق من حسابه الخاص لتوفير بعض الوسائل التعليمية المساندة لتوضيح الدروس، فلهؤلاء وأمثالهم كل التقدير والاحترام، وباعتقادي أن نسبة هذه النوعية من المعلمين ليست بالكثيرة (ولعل واقعنا يشهد بذلك) حيث أن المتأمل في حال من يزاولون تدريس الصفوف الأولية هم في الغالب إما كبار السن الذين خدموا في التعيلم سنوات طويلة، وقد سئموا كثرة الدخول والخروج من الفصول، فآثروا الراحة والركود وطلبوا تدريس تلك المرحلة، لغض الطرف عنهم (حسب تصورهم). ولست هنا استنقص قدر القدامى من المعلمين، ففيهم مربون وأفذاذ ممن نجح في تنمية خبراته وقدراته خلال سنوات خدمته، فأثرى الساحة بالتجارب التربوية والتي يستفيد منها من بعده، بخلاف من يهرول في مكانه منذ تعيينه للتدريس!! وحتى تقاعده. والصنف الآخر ممن يقوم بتدريس الصفوف الأولية وهم قد لا يكونوا خدموا كثيراً في التعليم ولكنهم لم يؤدوا الحق الواجب عليهم تجاه تلك المرحلة، فشرحهم للمواد لا يتجاوز الشهر الأول من الدراسة بحجة قلة المنهج!
كذلك انعدامية استخدام الوسائل التعليمية المتاحة والتي تتأكد في هذه المرحلة بالذات وغير ذلك من المظاهر التي لا تنبئ عن جدية ذلك المعلم.
الوقفة الثانية: هي تأمل في سبب ومغزى من يحرص على تدريس الصفوف الأولية من المعلمين؟ وانني أقول لا نعدم من اساتذة حرصوا على تدريس هذه المرحلة لهدف سامٍ رفيع يكمن في التربية والتعليم، ولكن تبقى نسبتهم لا توازي من يحرصون عليها لأهداف سطحية وقتية لا تتعدى شحمة أذني أحدهم! يقول أحدهم (إن هدفي من تدريس الصفوف الأولية هو لأجل زيادة الاجازة لا غير!) وآخر يقول (لا هم ولا وجع رأس ونهاية العام اجازة تفوق زملائي في المراحل الأخرى) وهلم جراً من الاجابات المختلفة بالألفاظ المتفقة بالمعاني والمقاصد، فهل هؤلاء وأمثالهم اهل لتأسيس فلذات أكبادنا؟!
الوقفة الثالثة: هي تأمل حول ضوابط ترشيح معلم الصفوف الأولية، وما هي حجم الدورات التدريبية المتعلقة بهذه المرحلة، ولذلك نأمل من المسؤولين بالوزارة أولاً وبإدارات التربية والتعليم ومديري المدارس في المناطق ثانياً بأن يعاد النظر في كيفية الترشيح لذلك وأن توضع ضوابط فعلية توازي تلك الحوافز والمميزات لمعلم الصفوف الأولية الممنوحة له، وتكثيف الدورات واللقاءات النافعة والمثمرة،
(فكلما كانت المدخلات في هذه المرحلة قوية هادفة كانت المخرجات مثل ذلك). وختاماً أقول: إن المجاملة في ترشيح من يقوم بتدريس ذلك النشء الجديد لمعلمين ليسوا أهلاً لذلك فلن يذوق مرارة نتائجه وتبعيته الا ابناؤنا الطلاب.
سعيد سليمان السعيد
مدير مدرسة المتوسطة الأولى بعفيف |