تطوف في أعماقي أجنحة التعب.. يتوقف في أوردتي كل إحساس بالاستمرارية.. أقف حائرة فوق أعلى قمة هرم في أحزاني.. أرقب العالم وأراه حشداً هائلاً يلهث مع اللاهثين.. عكس الآخرين تماماً.. أولئك الذين تهبط قمم أحزانهم تحت حرارة اللهيب.. أراها ترتفع وتزداد شموخاً.. شاهقة هي مرتفعات حزني شبيه بأمواج تتلاطم فوق محيط من الصخور الساكنة.. ادخلتنا فلسفة العالم المحيط في نمطية تفكير عجيب.. أشبعتنا حباً للألم وكلما ازداد الأسى شعرنا بأن الألم والعظمة توأمان ما أن يزرع الألم أخاديده في أوردة القلب إلا وأوهمتنا الأمثلة المتوارثة بأن الألم العظيم صنع منا عظماء نتباهى.. بتنا نعشق الألم حتى في الزفير والشهيق وأصبح جزءاً لا يتجزأ من كياننا المملوء بالصخب والشفافية المرضية التي جعلت علاقاتنا بالآخرين مبنية على إن تفوهت بكلمة لا تناسب مشاعري.. سوف أعتبكر تماديت بالمشي فوق كرامتي ذهاباً وإياباً.. انتظري أيتها الأقدار.. لا أريد مزيداً من الهيمنة ففي داخل أعماقي يتسرب نزف قديم يجرف معه كل مشارعي التي تمنيت أن تتجدد.. يبدو أننا في مهب الريح ترفع الأعاصير عن عوراتنا فنلوذ بها فراراً.. تكتشف الرياح أننا نسترق لحظات الفرح التي يعقبها سكون مميت فتخلع الرداء عنا نبحث في المستحيل عن من يواري سوأتنا فلا نجد إلا عطاء فياضاً قدمناه للآخرين ومنحتنا الظروف بدائل الصنيع الجميل.
هبيني أيتها الظروف الحالكة لحظات اتساءل فيها عن الأحبة الذين يغيبون والأحبة الذين لا يقدم حضورهم شيئاً.. والأحبة الذين لا يراعون مشاعرنا، إننا أيتها الظروف نموت في اليوم عشرين ساعة ونستيقظ من موتتنا ساعات من الليل متبقية نبحث فيها عن شيء بين أذرعنا نشتكي للأحبة الذين لا يقدمون (غياب الأحبة) ونشتكي للأحبة الذين يغيبون تقنين الأحبة في تعذيبنا.. ثم تشرق شمس يوم لا أظنه جديدا بل هو تكرار مأساة أليمة يرفض الزمن أن يستبدلها لأننا نعيش تحت وطأة الإحساس.
|