* تحقيق - وسيلة محمود الحلبي *
يرعى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام في الفترة من 22 - 25 شوال الحالي 1425هـ المؤتمر الدولي للموارد المائية والبيئة الجافة وحفل تسليم جائزته العالمية للمياه (الدورة الأولى) وينظم هذا المؤتمر مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود وجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه، ووزارة المياه والكهرباء.
وسيتم توزيع الجائزة بفروعها الخمسة: المياه السطحية، والمياه الجوفية، والموارد المائية البديلة غير التقليدية وإدارة الموارد المائية وحماية الموارد المائية.
وبمناسبة هذا الدعم الكبير من سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز للحفاظ على المياه وما تبذله وزارة المياه والكهرباء لترشيح استهلاك المياه كان لابد لنا من وقفة مع الدكتور علي بن سعد الطخيس وكيل الوزارة لشؤون المياه والكهرباء الذي كان له السبق في تفجير موضوع الكارثة المائية في المملكة من خلال الدراسات والأبحاث والمقالات التي نشرها في عدد من الصحف المحلية لنضع معه النقاط فوق الحروف في موضوع الأمن المائي ومستقبل الأجيال القادمة (مائيا) ومناقشات كثيرة فإلى ساحة الحوار:
* في البداية كيف تنظرون لمستقبل الأجيال القادمة (مائيا)؟
- ننظر للأجيال القادمة من الناحية المائية نظرة شفقة وعطف لأن بلادنا تصنف من الدول الشحيحة في مصادر المياه الطبيعية ومن الجانب الآخر فالزيادة المستمرة في عدد السكان والتقدم البطيء في تقنيات تحلية مياه البحر وخفض تكاليف إنتاجها تقودنا جميعا إلى أن نضع الأجيال القادمة نصب أعيننا عند استخدامنا لمصادر المياه المتاحة لنا حاليا، ونتذكر أن المياه الجوفية قد اختزنت في الطبقات الجيولوجية قبل أكثر من عشرين ألف عام.
فحري بنا أن نفكر ألف مرة قبل استخدامها وأن تكون المصلحة العامة للأجيال القادمة فوق كل اعتبار.
* هل سيتم عرض التجربة السعودية في مجال الحفاظ على المياه في المؤتمر؟
- للمملكة تجربة جيدة في مجال المحافظة على المياه، وقد طرحت هذه التجربة في أكثر من مؤتمر أو أكثر من لقاء علمي ولعل أبرز الجهود في هذا الخصوص هو حماية مناطق مصادر مياه الشرب، وخطر التوزيع أو الحفر فيها وتخصيصها لأغراض الشرب فقط، وتم استصدار أوامر سامية بذلك على سبيل المثال لا الحصر: خطر طبقة المبخور في مدينة الرياض، خطر طبقة الوسيع شرق الرياض، خطر منطقة الحني وغيرها كثير.
كذلك من الجهود خفض إنتاج القمح وإيقاف تصدير الأعلاف والتنسيق مع وزارة الزراعة في رسم سياسة زراعية تتفق مع السياسة المائية وكذلك القيام بحملات وطنية لترشيد استخدام المياه لرفع مستوى الوعي لدى كافة مستخدمي المياه والقيام لأول مرة بتنفيذ حملة للترشيد تمثلت في توزيع أدوات مرشدة مجانا وستسهم هذه الجهود بإذن الله تعالى في توفير كميات كبيرة من المياه على مستوى المدن الرئيسة ستوجه للمناطق أو للمواقع التي تواجه نقصا في الإمدادات.
* تعاني المنطقة العربية عموما أزمة مائية.. فهل سيتم مناقشة مستقبل الأمن المائي للمنطقة وهل هناك استراتيجيات محدودة سيتم الاتفاق عليها مع الدول الأعضاء؟
- لم يتم الاتفاق بشكل مسبق على استراتيجيات محددة لكن ضمن فعاليات المؤتمر ستكون هناك حلقة نقاش وزارية يشترك فيها بعض وزراء المياه في الدول العربية وقد يتم التطرق إلى هذا الموضوع وسيتم إثراء ذلك من خلال المناقشات التي ستتم.
* هل أصبح من الضرورة إنشاء منظمة اقليمية للأمن المائي لتنسيق الجهود؟
- توجد حاليا آلية حديثة للتنسيق بين خبراء المياه في الدول العربية وهو المجلس العربي للمياه الذي تم إنشاؤه قبل فترة قصيرة، وسيكون هذا المجلس بمثابة حلقة الوصل بين المسؤولين والمختصين بشؤون المياه وهو هيئة غير حكومية أنشئت له لجنة تأسيسية اجتمعت لأول مرة في القاهرة في شهر ابريل 2004م وستجتمع مرة أخرى في دبي في شهر يناير 2005م القادم.
ويترأس المجلس حاليا معالي وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمود أبو زيد ومن المتوقع لهذا المجلس الجديد النجاح التام لوجود القناعة بإنشائه.
* يتردد الحديث كثيرا من مشروع الربط المائي بين دول مجلس التعاون والدول العربية ترى إلى أين وصل هذا المشروع؟
- بالفعل تردد الحديث عن الربط المائي بين دول مجلس التعاون (فقط) وتولت الأمانة العامة لمجلس التعاون التنسيق مع الدول الأعضاء في هذا الجانب وطرح موضوع دراسة جدوى الربط المائي في منافسة فازت بها شركة (سوغريا الفرنسية) التي تقوم منذ نحو عام بإجراء الدراسة وقد شكل فريق فني من دول المجلس لمتابعة ومراجعة الدراسة ولا تزال الدراسة قائمة وعلى ضوء نتائجها والاقتناع بها سترفع إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس لإقرارها.
* هل سيطرح خلال المؤتمر مشروع إنشاء مركز المعلومات المائية الخليجي؟
- لا علم لي بذلك ومثل هذا الاقتراح قد طرح منذ سنوات إلا أنه لم ير النور بعد.
* يقال إن الحرب القادمة ستكون حربا على المياه فماذا أعددتم لها؟
- يبدو أن العالم أصبح يعي معنى الحرب والدمار التي تخلفه وأصبحت الخلافات على مصادر المياه تحل بالتفاوض والتعاون، كما أن هيئة الأمم المتحدة لها دور في سلوك هذا الطريق السلمي عن طريق عمل اتفاقيات دولية تحت إشرافها ولعل أول اتفاقية تمت في هذا الخصوص هي اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية المستخدمة لغير الأغراض الملاحية وقد انتهت عام 1997م كما أن لجنة القانون الدولي التابع للأمم المتحدة تعد حاليا لعمل اتفاقية مشابهة للمياه الجوفية العابرة للحدود وفيما يتعلق بالدول العربية فإن أغلب مصادر المياه فيها تنبع من خارج حدودها مثل: نهر النيل، نهر دجلة، نهر الفرات، وقد شهدت السنوات القليلة القادمة تطورا إيجابيا تمثل في تفهم دول المنطقة للوضع والعمل على حل أي إشكالات قد تحدث بسبب المياه.
* ما هي جهودكم في مجال التنقيب عن مصادر مائية جديدة؟
- لقد قام قطاع المياه بوزارة الزراعة والمياه منذ بداية الستينيات الميلادية بعمل دراسات استطلاعية لمصادر المياه في سائر مناطق المملكة، تلا ذلك القيام ببعض الدراسات التفصيلية لبعض الطبقات المائية الواعدة وعلى ضوء نتائج هذه الدراسة انطلقت النهضة الزراعية المباركة التي تعيشها المملكة وقد مضى أكثر من خمسة عشر عاما على آخر دراسة هيدروجيولوجية تمت.
وقد ابتدأنا مع بداية هذا العام تحديث دراساتنا المائية للتعرف على الوضع الحقيقي للمياه الجوفية وسنقوم بإذن الله تعالى قريبا بالبدء في إعداد دراسات جديدة لمناطق لم تسبق دراستها من قبل.
ونأمل أن يتم تغطية جميع مناطق المملكة بالدراسات المائية الحديثة خلال الخمس السنوات القادمة، ومن المؤمل أن نخرج بتصور يساعدنا على تنمية المصادر الحالية والاستغلال الأمثل لمياه الأمطار وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة للأغراض المناسبة فهذه المصادر يمكن اعتبارها جديدة لأنها ستكون رافدا يعول عليه في المستقبل.
* هل يمكن اعتبار التحلية بديلا يسهم في تحقيق الأمن المائي؟
- لا يمكن اعتبار التحلية بديلا، بل يمكن اعتبارها رافدا مساعدا لمصادر المياه الأخرى، تقام محطات تحلية مياه البحر في المناطق التي لا تتوافر فيها مصادر مياه طبيعية بكمية كافية مثل مناطق (الدرع العربي) كما في مناطق (مكة المكرمة)، (المدينة المنورة)، (الباحة)، (عسير)، (نجران)، (جازان).
أما في المناطق الأخرى فالتحلية كانت لتعضيد مصادر المياه الجوفية.
* من المعروف أن إنشاء محطات التحلية تكلفتها عالية.. هل هناك نية لتمويل دراسات لإيجاد محطات تحلية أقل تكلفة وأسهل في التنفيذ؟
- إن إجراء الدراسات في هذا الميدان مستمرة ولم تنتظر التمويل لتبدأ.
يوجد لدى المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة مركزا للتدريب وتطوير الأبحاث على مستوى رفيع والإمكانات العلمية والفنية فيه متطورة، وقد تم اختراع تقنية جديدة عن طريق المركز تعرف (بالنانو فلتريش) قام بها علماء سعوديون واستحق هذا الاختراع (براءة اختراع عالمية) كما أنه يتم حاليا دراسة إمكانية تحويل هذا المركز إلى مركز اقليمي ليشمل دول مجلس التعاون للاستفادة من الإمكانات المتوافرة به.
كما أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهي الجهة المسؤولة عن تمويل الأبحاث العلمية قد دعمت عدة أبحاث في هذا المجال بالإضافة إلى أن مراكز البحوث بجامعات المملكة لها دور وعليهم مسؤولية كذلك في إثراء هذا الجانب المهم.
* المياه المعالجة
إلى أي مدى نجحت المملكة في الاستفادة من هذا المصدر المائي وما هي مجالات تطويره؟
- يمكن اعتبار مياه الصرف الصحي المعالجة مصدرا مهما من مصادر المياه، وتوجد كميات كبيرة من هذه المياه التي تتفاوت درجات معالجتها من ثنائية إلى ثلاثية، ويتم الاستفادة من نسبة قليلة جدا منها ومدينة الرياض نموذج ممتاز حيث يستفاد من أكثر من (150.000) متر مكعب يوميا لري مزارع الدرعية والعمارية، وديراب وهناك مشاريع تحت التقنية للاستفادة من هذه المياه في المزاحمية، وضرما، وشمال مدينة الرياض، كما يوجد لدى الوزارة تصاميم جاهزة لتنفيذ مشاريع مشابهة في كل من المدينة المنورة والقصيم والمنطقة الشرقية. وبانتظار اعتماد المبالغ اللازمة للتنفيذ وتدرس حاليا جدوى حقن هذه المياه في طبقات الأرض متى ما كان ذلك ممكنا للاستفادة من هذه المياه التي تضيع هدرا إما بالأودية أو بالبحار. ولعله من المناسب أن أوجه الدعوة للقطاع الخاص للتفكير في الاستثمار في إعادة استخدام المياه المعالجة وللمعلومية فهذه النوعية من المياه تعالج بدرجة متقدمة وتستخدم لأغراض الشرب في بعض الدول ولحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين فقد صدرت الموافقة السامية قبل عدة سنوات بتمويل محطات معالجة مياه الصرف الصحي إلى الدرجة الثلاثية حتى يمكن استخدامها بشكل آمن، وتقوم مديريات المياه بالتمشي بذلك وتحديث محطاتها الثنائية إلى ثلاثية.
|