** المحطات الفضائية.. أخذت في وقت سابق.. الكثير من أوقات الناس.. وصار الكثير من البشر.. يجلسون أمام التلفاز (يفرفرون) المؤشر من محطة إلى أخرى.. ويذهبون للمقاهي لمتابعة المحطات.. ويسهرون في الاستراحات وملاحق المنازل.. من أجل التلفاز.. وصارت أسواق الدشوش تملأ الشوارع وغلبت مكاتب العقارات.
** واليوم.. تراجع الاهتمام كثيراً.. وصار الكثير من الشباب لا يعرفون عن محطات التلفاز إلا ما ندر.. وأغلقت أكثر محلات الدشوش بسبب الكساد.. ووصلت قيمة الدش كاملاً 400 ريال بعد أن كانت أكثر من ألف ريال.. وتراجع الاهتمام بالمحطات الفضائية.. ولم يعد يهتم بها إلا صنفان.. السياسيون أو المفكرون.. ثم بعض الفتيات اللاتي أدمنَّ محطات الفضاء والفيديو كليب فقط.
** أما الشباب.. فقد انصرفوا عنها بشكل شبه نهائي.
** ثم جاءت موضة الإنترنت.. وتوجّه الكثير والكثير إلى الإنترنت.. وأخذت الإنترنت من وقت الناس.. الشيء الكثير.. وصاروا يتابعون المواقع ويتفاعلون معها.. ويأخذون ويعطون ويشتركون.. وصار الكثير من الشباب (مرجعاً) في شئون وشجون الكمبيوتر والإنترنت.. وصاروا يحفظون المواقع.. بل إن بعضهم.. تحوَّل إلى مهندس كمبيوتر.. وسجّلت الكثير من المواقع التي تُدار محلياً.. مئات الآلاف.. بل ملايين الزوار.. ثم حصلت النكسة الثانية.. إذ أعرض الشباب وغيرهم عن الإنترنت.. ولم يعد يهتم بها سوى المثقفين والسياسيين والباحثين والمتخصصين الذين وجدوا فيها بغيتهم.. حيث أغنتهم عن المكتبات والمراجع والمنتديات.. والسفر وحضور المؤتمرات.. وقرَّبت لهم البعيد.
** ومع هذا كله.. إذ شهدت المحطات الفضائية وكذلك الإنترنت نشاطاً وضموراً.. لم تتأثر الصحف ولم يصبها كساد.. بل ظلت محافظة على حضورها ووهجها وقوتها.. وعلى سقف قرائها.. إن لم يزد العدد.
** لقد بقي قارئ الصحف أو المجلة.. كما كان.. بل ربما زادت الأعداد.. ومؤشرات البيع وأرقام التوزيع شواهد.. وإقبال المعلن أيضاً.. شاهد آخر.
** يبدو لي.. أن الذين يراهنون على ضعف أو انقراض الصحافة.. كانوا واهمين.. فالصحافة.. ظلَّت في كلّ مكان هي الأفضل والأقوى.. لأن الصحيفة تأخذها معك إلى كلّ مكان.. وتقرأها في كلّ وقت.. ومحطة التلفاز والكمبيوتر.. لا يمكن حملهما.. إلا إذا كان جهاز الكمبيوتر صغيراً.. وهذا يُحمل بصعوبة ولا يُسمح بدخوله أو تصفحه في كلّ مكان.
** إذاً.. الصّحف لم تتأثر.. ويبدو لي.. أنها لن تتأثر.. و(عوِّد على الْعِيْبِهْ ترى الصِّيد فيها) وأعني بعض الصّحف وليس كلها.
|