مواكبة للتطور النوعي الذي شهدته المملكة خلال العقدين الماضيين، وتلبية لاحتياجات داخلية للمجتمع السعودي، ذات صلة بالمتغيرات والمستجدات العالمية في حزمة من المفاهيم الثقافية جعلت من العالم قرية صغيرة في ظل وفرة المعلومات وثورة التقنيات والاتصالات الحديثة.. تنطلق الانتخابات البلدية في إجراء قد يراه البعض استثناءً بينما هو في الأصل أحد قواعد البناء في المملكة.
وفي هذا الإطار تعد انتخابات المجالس البلدية استكمالاً طبيعياً لمسيرة الإصلاح والنهوض في الدولة التي بدأت منذ توحيد وتأسيس قواعد الحكم في هذا البلد على أيدي المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ورفاقه البررة الذين أيدوه وعاهدوه على الخلاص من الفرقة والتشتت والإخلاص للدين والوطن.
وفي ذلك الوقت بدأت مرحلة جديدة مهمة في تاريخ المملكة في خضم ومعترك سياسي دولي وإقليمي متقلباً وخطراً كان خلالها ولاة الأمر على قدرٍ كبيرٍ من المسؤولية والحكمة للحفاظ على هذه الأرض الكريمة التي خصها الله تعالى ببيته العتيق وجعلها مهبطاً للوحي ورسالة الإسلام للعالمين وكان ذلك فضلاً عظيماً من العلي القدير أن يكون هذا البلد مقصداً للمسلمين من كل أرجاء الأرض إلى يوم الدين.
كما منّ الله سبحانه وتعالى على هذا البلد المعطاء بفيضه الكريم من ثروات وخيرات كانت وما زالت هي الداعم لحركة التنمية الشاملة التي شهدت المملكة انطلاقتها منذ التأسيس وحتى الآن في مسيرة من البناء والتقدم تدعو للفخر والاعتزاز، ولا أحد يستطيع أن ينكر أو يتجاهل تلك النهضة الحضارية التي أرسيت قواعدها خلال السنوات الماضية في مختلف مجالات ومحاور التنمية في بلادنا بداية من البنية الأساسية من مرافق وخدمات صحية وتعليمية ومروراً بالنهضة الاقتصادية والصناعية والزراعية الكبرى إلى أن احتلت المملكة تلك المكانة السياسية الدولية المرموقة وصارت واحدة من أكبر الدول المؤثرة دولياً وإقليمياً بدورها البارز في دعم ومساندة القضايا الإسلامية والعربية.
وهكذا.. فإن الانتخابات البلدية التي انطلقت عمليتها الآن هي جزءٌ لا يتجزأ من مسيرة البناء والإصلاح التي بدأت في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من سبعين عاماً، وعلى أبناء هذا البلد الكريم المشاركة بفاعلية في تدشين هذه المرحلة الجديدة من تاريخ بلادنا في ظل هذه الرعاية اللا محدودة من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - والذين لا يألون جهداً في جعل راية هذا البلد سامقة شامخة بثوابتها المستمدة من الشريعة الإسلامية وبنهضة وحضارة أبنائها الذين صاروا الآن هم أعمدة البناء ولبنات التقدم لبلادنا الغالية على كافة المستويات وفي مختلف المجالات، ولا شك أن هذه الانتخابات البلدية تعتبر من المشاريع الوطنية الضرورية التي تبرز اهتمام قيادتنا الرشيدة بالمواطنين وحرصها على مشاركتهم في العملية التنموية وإتاحة الفرصة لهم للمساهمة بفاعلية في صنع القرار وبناء مستقبل الدولة السعودية.
ولذا.. من الأهمية والضرورة أن تكون مشاركتنا في هذه الانتخابات البلدية سواء كنا ناخبين أو مرشحين على قدر مسؤولية هذا الحدث السياسي والاجتماعي والثقافي المهم، وأرى أن المواطن السعودي الذي شارك بفاعلية في انتخابات المجالس البلدية التي تمت في الستينيات الميلادية، عندما جرت أول انتخابات في الرياض للمجلس البلدي في 17-2- 1384هـ الموافق 27-6-1964م قادر بإذن الله تعالى على أن يواصل هذه التجربة بفاعلية أكثر محتذياً بقادتنا قدوة حسنة في ذلك حيث يذكر في هذا اليوم التاريخي مشاركة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض في هذه الانتخابات بحضور سموه الكريم بنفسه في قاعة الانتخابات لمنطقة المربع يوم السبت 17-2-1384هـ ليدلي بصوته مع المواطنين في انتخاب العشرة المرشحين للمجلس البلدي فكان وما زال سمو أمير الرياض - حفظه الله - نموذجاً مثالياً في التفاعل الإيجابي وتأدية الواجب.
وختاماً أقول لأبناء وطني.. إن هذه الانتخابات هي منعطفٌ مهمٌ في حركة التنمية والبناء لبلادنا، وتعد مدخلاً واسعاً للمشاركة بإيجابية وتحمل مسؤوليات المواطنة في استمرار نهوض هذا البلد.. ومرحلة جديدة سوف تتبعها مراحل أكثر أهمية في المستقبل القريب ولذلك فلنجعلها سبباً وسنداً لتعميق انتمائنا لبلادنا الغالية أكثر وأكثر، وأن نعي أن ممارسة الانتخابات أو الوصول إلى مقاعد المجالس البلدية ليست هي الهدف في حد ذاتها وإنما هي بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح وفي الطريق الشرعي لمواصلة حركة التنمية الحضارية لبلادنا الغالية- أعزها الله-.
* وكيل وزارة النقل للطرق
رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للنقل الجماعي |