كتب سعادة رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك في افتتاحية عدد مجلة الجزيرة الصادر يوم الثلاثاء 11 شوال 1425هـ مقالا جميلا هادفا كعادته بعنوان (استثماراتنا.. استثماراتنا)، وذكر سعادته أن المواطن السعودي قد انشغل بسوق الأسهم والعقار مما صرفه عن التفكير الجاد بإقامة مشاريع منتجة، وأبدى قناعته التامة بأن أموال الناس حق لهم ولهم الحرية في التصرف بها كما يشاءون.. ولكن وبالمقابل قدم سعادته نصيحة بأن يفكر كل مواطن من منطلق وطني وأن يهتم بتنويع مصادر استثماراته ليبقى الوطن والمواطن في مأمن من تقلبات الزمن والمتغيرات في العالم.
أقف إعجابا بما قرأت وأشاطر سعادته الرأي في طرحه المستنير، وأود أن أضيف إلى ما ذكره رأيي المتواضع من باب الرغبة في إبداء الرأي وإثراء الموضوع مزيدا من الطرح.
بالفعل هناك تخوف حقيقي من نظرة المواطن السعودي نحو الاستثمار من زاوية ضيقة جدا وذلك بحصر استثماراته في مجالي العقار والأسهم. وكما يعلم الجميع فخلال السنوات الثلاث الماضية سحب هذان القطاعان البساط من معظم المجالات الأخرى المتاحة في بلد ينعم بمناخ اقتصادي مزدهر وواعد
لذلك يجب ألا تأخذنا العاطفة والنظرة المحدودة إلى ضرورة التوسع في نظرتنا نحو الاستثمار في مجالات أخرى متاحة من أجل تنويع مصادر الدخل في البلد.
والسؤال الذي يبحث عن اجابة:
ما الذي دفع المواطن لذلك؟
التبرير الأول: أنه وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عادت أموال مهاجرة إلى البلد مما أدى إلى حدوث ارتفاع هائل في حجم الودائع المالية في البنوك السعودية، وترتب على ذلك أن آثر أصحاب هذه الودائع استثمارها في مجالات سهلة بالنسبة لهم لا تتطلب الا رأس المال وهذا ما حدث بالفعل من حيث الاتجاه الى الاستثمار في مجالي الأسهم والمساهمات العقارية.
هذا التوجه من كبار المستثمرين أغرى صغار المستثمرين من الشباب ومحدودي الدخل إلى الخوض في هذه التجربة سعيا نحو تحقيق مكاسب سريعة وقتل لديهم الطموح في الدخول في مشاريع استثمارية صغيرة، فلجأ الكثير منهم الى الاقتراض من البنوك ومؤسسات الإقراض الخاصة للدخول في هذا العالم الغامض!
وأخشى كثيرا من نتائج هذا الاندفاع غير المدروس، فأنا من مؤيدي ومناصري ضرورة التنويع في الاستثمار ورأيي مبني على بعض الحقائق التي من أهمها:
* أن هناك انفتاحا كبيرا في السوق، وهناك العديد من الشركات الأجنبية التي تعتزم الدخول للسوق السعودية وتنتظر نتائج حسم مفاوضات انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وهذه فرصة كبيرة لمن يرغب في الاستثمار بالدخول مع هذه الشركات الأجنبية كشريك قبل أن تأتي الينا على شكل استثمار أجنبي كامل.
* حصر الاستثمار في المجالين العقاري والصناعي صرفنا عن استثمارات ناجحة أثبتت جدواها ولا زالت وهي تتعلق بالاستثمار في المجالين الصناعي والزراعي الذي اثبت من خلالهما المنتج الوطني جودته وقدرته على المنافسة ليس محليا بل على المستوى العالمي.
* هناك تحرك على أعلى مستويات الدولة من اجل تفعيل أنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمطلوب توحيد هذه الجهود المشتتة في هذا المجال من أجل تشجيع الشباب السعودي على الدخول في مجال الاستثمار في المنشآت الصغيرة بدلا من اللجوء إلى الاقتراض من البنوك والدخول في مساهمات عقارية أو شراء أسهم سعيا نحو الكسب الوهمي السريع.
هناك وجهة نظر أخرى مخالفة تماما لوجهة نظري السابقة وينظر أصحابها إلى الاستثمار في مجال العقار والأسهم بأنه من أنواع الاستثمار المريحة التي تحقق مكاسب سريعة لمن يدخل فيها وهي كذلك تتميز بأنها لا تتطلب من اصحابها سوى الجرأة والاستعداد للمخاطرة وتوافر موارد مالية ومتابعة دائمة بالسوق حتى وأنت بالبيت من خلال الانترنت، يعيب وجهة النظر هذه حتى ولو كان فيها جزء من الصحة أن فيها أنانية وتجعل الشخص يفضل مصالحه الشخصية على مصالح الوطن.
ختاما، في تصوري أن ما يحدث في سوق الأسهم والعقار هو أشبه ما يكون بحفلة بدأت قبل مدة ولها نهاية ولكن لا يعرف متى تنتهي، والخوف كل الخوف من نتائج نهاية هذه الحفلة.
(*)كاتب ومستشار تسويق
|