* الجزيرة - الثقافة:
يصرّ عبد الكريم الجهيمان في كل مؤلَّف من مؤلفاته على أنه (فردُ من الشعب) ليس إلا، وأن ماينجزه في هذا الكتاب الجديد مجرد خواطر صريحة أو مباشرة لن تجد فيها أي علم جديد، أو اكتشاف فريد،أو مباحث دينية،كما لن تجد آراء سياسية ولا أفكاراً فلسفية لكنها (دخيلة شخص ذاق حلو الحياة ومرِّها).وطوال عمره المديد المبارك قدَّم الجهيمان خلاصة تجربته ولباب فكره وقلمه في مقالاته النقدية الجريئة التي نشرت في صحف ومجلات شارك في إصدارها وتحريرها أو أسسها بنفسه ك(أخبار الظهران) و(القصيم) أو ما كتبه في (اليمامة) من نقد اجتماعي خفيف لكنه كاشف ومباشر بقدر ما هو حزين ومرير بشأن الأخطاء التي رآها تؤخر مجتمعه وتعيقه عن النمو والتطور..وقد أتبع ذلك كله بمؤلفه المهم (أساطير شعبية) الذي رصد فيه كل ما استطاع جمعه من قصص وحكايات شعبية من قلب الجزيرة العربية، فكان هذا العمل التوثيقي الاجتماعي الأدبي الإنساني الخالد أحد أبرز الوثائق التي تضم الى مسيرة الشيخ الجليل، وركناً أساسياً في مكتبات الباحثين الاجتماعيين والكتاب وحق لهذا العمل أن يحتل جزءاً من مكتبات المدارس، وأن يكون مساراً للأطفال والأمهات والآباء على حد سواء.. ليكشف لهم جزءاً من تاريخهم الاجتماعي وأساطيرهم الشعبية.
عبد الكريم الجهيمان يكتب بلا (تزويق) وتكلف، ولغته مباشرة عذبة صادقة أحياناً لكنها صادقة يقول في تقديمه كتابه (أحاديث وأحداث):(إلى مجتمعي الذي يختلط فيه الخطأ بالصواب والمعتدل بالمائل والقشور باللباب؛ أهدي هذا الكتاب..)واليوم يتذكر عبد الكريم الجهيمان (الخرج) التي أسس فيها في أواخر الحرب العالمية الثانية أول مدرسة، يتذكر لا بالحنين وحده ولا بالمقالات والحكايا بل بجزء عزيز من ماله؛ إذ يقدم تبرعاً خيرياً تربوياً لبناء مدرسة متوسطة في حي (السهباء) بمحافظة الخرج تحمل اسمه المشبع بالدلالات والمثقل بتجربة السنين (مدرسة عبد الكريم الجهيمان المتوسطة).عبد الكريم الجهيمان يقدم بهذه المبادرة النادرة مثلاً للموسرين ورجال الأعمال إذ لم يعرف الشيخ بثرائه ولا اشتغاله بالتجارة وطلب المال، فليت أن كل (فرد من الشعب) كان بمثل صراحة الجهيمان في نقده الاجتماعي أوليته قدم للأجيال السابقة واللاحقة شيئاً من حكاياته وقصصه التي عبرت عن حياة آبائه وأجداده وخيالاتهم وعاداتهم وأمانيهم، أوليت كل (فرد من الشعب) يتذكر جزءاً عزيزاً من وطنه بمثل هذا الحنين والعطاء..
ما أليق مدرسة يتراكض فيها الأطفال كل صباح ويتعلمون ويقرؤون في ضاحية نجدية وادعة بحمل اسمك أيها الشيخ الجليل، فبورك لك في ريالاتك وبورك لمتوسطة (السهباء) في الخرج حمل اسمك.
|