(راكان) الطفل الصغير، بلثغته الأولى يعرف أن الزمن أصبح بين يديه مجرد معلومات، وأضحى مدركاً أن هذه المواقع واللوحات أمامه باتت تخبئ الكثير من الأسرار، وتختزن عناصر المتعة التي يبحث عنها هذا الجيل المولع بتلقي واستهلاك كل جديد.
ظلَّ الصغير لأيام يحاول في لوحة المفاتيح لعله يجد مدخلاً لعالم (www) الذي فتن به في زمن أصبحت هذه الحروف الثلاثة رمزاً لعالم اليوم، وواقعاً ملموساً لما كنا نحسبه قبل أعوام قلائل مجرد خيال أو عبث سيغادر عقول من حولنا. راكان كغيره أصبح مولعاً بكل ما يأتي عبر هذا الجهاز المتوامض ببريقه، فلم يعد يأبه أو يحفل في التلفاز إلا نادراً، لأنه يرى الكبار وقد رابطوا حوله وتسمروا بوجوم وتجهم، وكز على الأسنان لفرط أخبار مؤذية، وهول حروب وتقارير تصيب الإنسان بالألم والفجيعة، فلم يعد الطفل معنياً بحالتنا الراهنة تلك التي ظللنا نجترها، ولم يعد مكلفاً بأن يتألم مثلنا أو يحزن معنا، لنراه وقد انشغل بتصميم ما أو لعبة شيقة، أو أغنية يتمايل معها، لنصبح في حيرة؛ هل ندع الحبل على الغارب .. أم نهب في وجه كل جديد قادم؟ جيل (www) لم يعد بينهم وبين الماضي قريبه وبعيده أي روابط أو صِلات، ربما يأتي يوم تحال قضايانا عبر هذه الدهاليز والأنفاق الطويلة نحو طاولة الحل، ويبقى أن نشير إلى أننا في فسحة قادمة سنحاول أن نتناول حالة جيل (w) الجديد جداً، فقد يكون من المناسب أن نربط بين حرف واحد وثلاثة حروف لها نفس التكوين وإن اختلفت معانيها وغاياتها.
***
** لترتيبات فنية، تقرر أن يكون موعد نشر زاوية (تعليم 21) للدكتور عبدالعزيز العمر يوم الاثنين من كل أسبوع.
|