* لقاء - محمد الجبيري:
فضيلة الشيخ إبراهيم بن علي العبيدان رئيس محاكم منطقة نجران نموذج فريد لشخصية متعددة المواهب استطاع أن يوفق بين العمل القضائي فيكسب ثقة الناس صباحاً ويدعم وينظم العمل الخيري مساءً وبفضل الله ثم بجهوده المخلصة استطاع أن يشارك في أحد عشر مشروعاً لدعم الأعمال الخيرية وكان آخر بصماته افتتاح سمو أمير منطقة نجران مكتبه لمتابعة الأعمال الخيرية في منزله الخاص، الضيف الكريم كان له أكثر من عشر سنوات في دعم الأعمال الخيرية ولا يزال حتى تاريخه، ولمزيد من الإيضاح توجهت (الجزيرة) إليه لإجراء اللقاء السريع المختصر التالي:
*****
البدايات
* حدثنا عن بداية عمل فضيلتكم بالعمل الخيري؟
- كانت البداية مشاركة في المراكز الصيفية والدراسة في حلقات تحفيظ القرآن الكريم ثم عملت مدرساً لإحدى الحلقات التابعة للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة وذلك بعد إتمام دراستي في جامعة الإمام فرع القصيم، وبعد أن تم اختياري في السلك القضائي ملازماً انتقلت إلى الإشراف على مجموعة من حلقات التحفيظ ببريدة، ثم باشرت العمل قاضياً في محكمة محافظة (شرورة) بتاريخ 10-10- 1413هـ مكثت ستة أشهر لدراسة المحافظة والتعرف على مفاتيح العمل الخيري ليكون بشكل منظم ويعم نفعه.
* كيف كانت تجربة (شرورة) خاصة أن العمل الخيري شهد نشاطاً ملحوظاً خلال فترة تواجدكم؟
- في الحقيقة كانت تجربة ثرية فقد تم افتتاح المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بعد أن حصلت على موافقة الافتتاح من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ورُشحت لتولي رئاسة مجلس الإدارة فكانت الانطلاقة من خلال جهة رسمية وفي الوقت ذاته كانت هناك خمس حلقات لتحفيظ القرآن الكريم تتبع لجمعية البر في المحافظة وأربع حلقات تتبع للمعهد العلمي في نجران واسند إليّ الإشراف عليها وعملت ولله الحمد على زيادتها ثم حصلت على الموافقة من قبل الشؤون الإسلامية على إنشاء الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
خمسون مسجداً
* علمت أن فضيلتكم كان سبباً في بناء أكثر من خمسين مسجداً وجامعاً في محافظة شرورة وأشرفتم على بنائها؟
- نعم حصل بناء ذلك العدد من المساجد (ولله الحمد) ولكن الفضل في ذلك ليس لي وإنما الفضل لله أولاً ثم للمحسنين الذين بذلوا أموالهم في بنائها من داخل المحافظة وخارجها ابتغاء وجه الله تعالى وتشجيعاً من أهالي محافظة شرورة الذين يملأون المساجد بمحافظتهم على صلاة الجماعة.
* ماذا عن المشاريع الأخرى؟
- تم إنشاء المستودع الخيري (بشرورة) لمساعدة المحتاجين من الفقراء والأرامل والأيتام فكان هذا المستودع مكملاً لعمل جمعية البر فلما تم ترشيحي نائباً رئيس الجمعية حصل ضم المستودع للجمعية فأصبح المستودع يعنى بتوزيع التبرعات العينية والجمعية تعنى بالتبرعات النقدية بالإضافة إلى الأعمال الاجتماعية الأخرى وكان يرأس الجمعية محافظ شرورة بالنيابة الأستاذ عبد الله بن دليم القحطاني.
أبرز الداعمين
* من هو أكبر داعم للأعمال الخيرية في محافظة شرورة؟
- أولاً خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - هو أكبر داعم للأعمال الخيرية في شرورة وكان لوقفة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز أكبر الأثر في تنشيط الأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين وقد توّج خادم الحرمين أعماله بإنشاء أكبر جامع في منطقة نجران بتكلفة خمسة عشر مليون ريال كذلك اهتمام الدولة بهذا الجزء الغالي من وطننا ويتمثل أيضاً في زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز السنوية للمحافظة.
* ما هي أبرز المعوقات التي وقفت أمامكم وكيف تغلبتم عليها؟
- كان الدعم المادي وخصوصاً في البدايات من أبرز المعوقات وقد تغلبنا عليها بعرض دعم المشاريع الخيرية على المحسنين والباذلين من الرياض والقصيم ومكة المكرمة وجدة وكان لتفاعلهم أبلغ الأثر في دعم المشاريع الخيرية.
* هل كان للمرأة نصيب في الأعمال الخيرية؟
- النساء شقائق الرجال وقد حصل الاهتمام بهن من جانبين أولاً: مساعدة من يحتاج إلى مساعدة خصوصاً الأرامل والقائمات على أسرهن لغياب راعي الأسرة، الجانب الثاني رفع مستواها العلمي وخصوصاً في مجال تحفيظ القرآن الكريم للفتيات والأمهات وقد وصل عدد الحلقات إلى خمس عشرة حلقة يدرس بها أكثر من أربعمائة طالبة ثم تم افتتاح دار الفتاة الخيرية لإعداد معلمات يحفظن كتاب الله ولا زالت هذه الأعمال قائمة ولله الحمد.
التوفيق بين العملين
* هل ترون بأن هنالك تعارض بين العمل القضائي والعمل الخيري؟
- أبداً ليس ثمة تعارض فمتى استطاع القاضي أن ينظم وقته ويعطي كل جانب نصيبه من الوقت والاهتمام فلن يجد صعوبة في التوفيق بين العملين فقد خصصت وقت العمل الرسمي للعمل القضائي وإدارة المحكمة وخصصت المغرب وأحياناً ما بعد العصر للإشراف على الأعمال الخيرية وتطويرها، وإذا تعود الناس على منهج واضح استراحوا وأراحوا.
* يلاحظ على فضيلتكم فتح المجال لاستقبال الناس فهل يحصل من جراء ذلك إزعاج وخاصة أن حوائج الناس لا تنقضي؟
- من وجهة نظري أنه لابد للقاضي أو رئيس المحكمة أن يفتح المجال للناس ويخصص لهم وقتاً مناسباً ليعرضوا ما لديهم مما هو خارج عمل المحكمة حتى يتفرغ للعمل القضائي، فإذا خصص لهم ساعة أو ساعتين في الأسبوع وتعارف الناس عليها فلا إشكال في ذلك وقد خصصت يوم السبت والأحد بعد صلاة المغرب لقضاء حوائج الناس.
دور رجال الأعمال
* ما دور رجال الأعمال في دعم الأعمال الخيرية في شرورة؟
- لرجال الأعمال دور كبير وواضح وكان لتفاعلهم أكبر الأثر في نجاح وتطوير المشاريع ومن أبرز هؤلاء الداعمين الشيخ يوسف عبد اللطيف جميل والشيخ عبد الإله بن سالم بن محفوظ وإخوانه والشيخ صالح المطلق الحناكي والشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي وغيرهم.
* من يعمل في المجال الخيري تمر به مواقف مؤثرة فهل تذكر لنا شيئاً منها؟
- هنالك موقف أقف معه وقفة إعجاب وإكبار موقف امرأة عجوز تبلغ أكثر من سبعين عاماً وهي من ذوي الحاجات وصلها مبلغ ثمانين ألف ريال إرث من ابنها الذي توفي في الإمارات فحضرت اليّ في محكمة شرورة وقد وضعت هذا المبلغ في صرة وقالت إني أرغب أن أبني مسجداً بهذا المبلغ أراه قائماً في حياتي فقلت لها انك امرأة محتاجة وليس لك دخل تعيشين منه فاصرفي هذا المبلغ بقية عمرك وسنجد للمساجد من يعمرها من أهل الخير فرفضت كلامي وقالت: رزقي على الله، ولن أخرج من المحكمة حتى تستلم المبلغ ولما رأيت إصرارها استلمت المبلغ وقلت سوف أجعل المبلغ عندي مدة من الزمن حتى تستشيري وتستخيري فأصرّت على طلبها وأرسلت لي من يطالبني بالتنفيذ فتم المشروع في بناء مسجد عبد الله بن المبارك بجوار بيتها الشعبي ولازالت هذه العجوز موجودة لا يفصلها عن المسجد سوى شارع فتعجبت من حالها وهذه رسالة إلى أخواتنا سيدات الأعمال ولرجال الأعمال كافة.
إلى نجران
* وماذا عن انتقالكم لنجران؟
- بقيت في شرورة تسع سنوات ونصف السنة وتم اختياري من قبل سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى وأصحاب الفضيلة أعضاء مجلس القضاء لأقوم بعمل رئيس محاكم نجران وقد بارك صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود هذه الخطوة ووجدت منه الدعم والمساندة في العمل الرسمي والعمل الخيري.
* وكيف وجدتم العمل الخيري وماذا أضفتم عليه؟
- العمل الخيري كان قائماً قبل حضوري وقد أسند إليّ صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود مهمة الإشراف على العمل الخيري وتطويره فأصبحت نائب رئيس الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية ورئيساً لجمعية تحفيظ القرآن الكريم ومشرفاً على المكتب الإقليمي لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.
علاقتي بالأمير
* حدثنا عن علاقتكم بالحاكم الإداري أمير منطقة نجران وأثر ذلك على الأعمال الخيرية بالمنطقة؟
- العلاقة مع سمو الأمير مشعل علاقة قوية وشخصية سموه وطريقته في العمل تجعل من يعمل إلى جواره يرتاح كثيراً لما يراه من إخلاص ورغبة في تطوير المنطقة من جميع الجوانب وما الجانب الخيري إلا واحد من عطاءات سموه والمنطقة منذ توليه إمارتها وهي تشهد تطوراً ونمواً متسارعاً وهذا أمر يلمسه المسؤول كما يلمسه المواطن العادي كما أن إحاطة سموه أولاً بأول وإشرافه المباشر ودعمه المادي والمعنوي أثرى العمل الخيري قوة ونظامية وتطوراً ملحوظاً.
* ما هي الأعمال الخيرية القائمة في المنطقة والتي تحتاج إلى دعم المحسنين وتشرفون عليها وتدعمونها؟
- هي: الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية بنجران، الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بنجران، اللجنة الوطنية لرعاية السجناء وذويهم بنجران، المستودع الخيري بنجران، المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بنجران، المستودع الخيري بمركز المشعلية بنجران، جمعية البر الخيرية بمحافظة نجران، جمعية تحفيظ القرآن بشرورة، جمعية البر الخيرية بمحافظة يدمة، المبرة الخيرية بمركز الحصينية بنجران.
مكتب الأعمال الخيرية
* وماذا عن مكتب فضيلتكم للأعمال الخيرية الملحق بمنزلكم العامر؟
- الهدف من هذا المكتب هو الإشراف القريب على الأعمال الخيرية ودعمها وتطويرها وعرض مشاريعها على المحسنين من خارج منطقة نجران بالإضافة إلى متابعة التنفيذ وتوثيق هذه الأعمال واطلاع المحسنين على ما بذلوه في المنطقة من خلال تقارير مدعومة بالصور ليطمئن كل من بذل خيراً بأنه أصبح واقعاً في مكانه ومجاله وهذا المكتب عبارة عن ملحق في أسفل المنزل لتسهيل المتابعة والإشراف وتم تزويده بالموظفين والأجهزة اللازمة لتحقيق الهدف المرجو من وجوده.
* من وجهة نظر فضيلتكم ما هي مقومات نجاح العمل الخيري؟
- المقومات هي: الإخلاص لله والاعتماد عليه والتجرد من حظوظ النفس، الشفافية والوضوح في العمل وإحاطة الحاكم الإداري بالأعمال الخيرية، تشغيل الطاقات وشحذ الهمم واختيار الأمناء الأقوياء للأعمال، عدم الركون على العمل الفردي وتبني العمل المؤسسي الدائم، الصبر والاستمرار وعدم استعجال النتائج ومراعاة عامل الوقت، المراجعة والتصحيح وفتح المجال للنقد الهادف البناء والاستفادة منه، فتح المجال للجميع للمشاركة في تأدية دور معين وفي كل خير، التخلق بالأخلاق الفاضلة والتواضع مع خفض الجناح والرحمة والقرب من الناس، سعة الأفق ورحابة الصدر والصبر على الجميع والدفع بالتي هي أحسن، الاستفادة من التقنية الحديثة في الإعلام والتوثيق وسرعة الإنجاز، هذا ما يحضر وغيرها كثير.
أخيراً أوجه شكري وتقديري لجريدة (الجزيرة) والقائمين عليها لاهتمامهم بالعمل الخيري بشكل عام وفي منطقة نجران بشكل خاص وادعو من خلال الجريدة جميع إخواننا الموسرين لدعم المشاريع الخيرية بمنطقة نجران وأسأل الله أن يكتب الأجر والمثوبة لكل من ساهم ودعم المشاريع الخيرية مادياً ومعنوياً.
|