كل يوم كلمة
الإدارة الاتحادية وفن إدارة الأزمة
عبدالعزيز الهدلق

ما حققه نجوم العميد هو الإعجاز الكروي بعينه؛ فالخروج من أزمة الخسارة المؤلمة على أرضنا وبين جماهيرنا إلى انتصار ساحق ماحق على أرض الكوريين ليس بالأمر الهين ولا السهل في عالم الكرة.
هنا فقط نقول: فتش عن الإدارة.
فقبل أن ينجح اللاعبون على أرض ملعب سوينجنام، فقد نجحت الإدارة الاتحادية وبكل تفوق واقتدار في تحضير الفريق وتجهيزه لمباراة الرد، رغم صعوبة الموقف والمهمة.
وأكثر ما يُحسب للإدارة الاتحادية أنها لم تهتز أو تفقد الثقة في نفسها أو في لاعبيها بعد هزيمة جدة رغم مرارتها وقسوتها، فقد ظلت الإدارة متماسكة وواثقة وقوية، ومن هذا التماسك والقوة والثقة استمد اللاعبون قوتهم في كوريا.
وقد اتخذت الإدارة الاتحادية ثلاثة إجراءات بعد الخسارة تستحق أن تُدرس في كيفية إدارة الأزمات، أول هذه الإجراءات عزل المدرب فوراً (ايفيتش)، والذي أثبتت التجارب عدم قدرته على السير بالفريق إلى طريق النجاح، والإجراء الآخر ظهور الإدارة أمام الناس والجماهير والإعلان عبر الإعلام انها تتحمل مسؤولية الخسارة، وهذا منتهى الشجاعة والثقة بالنفس، والإجراء الثالث والذي لا يقل أهمية عن السابقين - إنْ لم يكن هو الأهم - مسارعة الإدارة بإبعاد الفريق واللاعبين عن الأجواء المحيطة، بتعجيل السفر إلى كوريا مما خلص اللاعبين من أعباء نفسية وإحباطات كان يمكن ان تتسرب إلى نفوسهم لو بقوا ليوم أو يومين في جدة وتعرضوا للكم الهائل من النقد والتقريع الجماهيري والإعلامي مما يصعب معه بعد ذلك معالجة الوضع.
وهكذا رأينا في كوريا اتحاداً مختلفاً، ظهر قوياً بشكل غير معهود، وواثقاً بنفسه كما لم يكن من قبل، ويتمتع لاعبوه بروح معنوية عالية جداً.. وهذه العوامل جاءت مخالفة تماما للمنطق، حيث كان الكثيرون قد سلموا بفوز الفريق الكوري بالكأس بعد فوزه الكبير في جدة، وكانوا ينتظرون اتحاداً محبطاً ومهلهلاً ومفككاً ومستعداً لاستقبال عاصفة من الأهداف تفوق ما استقبلها في جدة.
ولكنّ إدارة ولاعبي الاتحاد خذلوا مَنْ توقع سقوطهم، وكانوا عند حسن ظن (القلة) التي راهنت على فوزهم وعودتهم من كوريا بالكأس. ولا شك أن على رأس تلك (القلة) الإدارة الاتحادية المتميزة، التي قدمت درساً لغيرها من إدارات الأندية في كيفية التعامل مع الظروف الصعبة والمستحيلة وكيفية إدارة الأزمات.