طبيعي أن يذكر صنيع الخيّرين من الناس الأوفياء في زمن تتكاثر مشاغل الناس بعضهم عن بعض... في زمن تغيرت فيه أحوال الناس، ولا ريب أن يذكر محاسن الميتين بعد فراقهم لنا- رحمهم الله-، ولهذا من حسن حظي أنني أدركت الشيخ عبدالله بن إبراهيم العثيمين آخر حياته،- رحمه الله- هذا الشيخ الجليل عرف بأعماله الحسنة، عرف بأخلاقه وحبه لوطنه وأهله، عرف بابتسامته ودماثة خلقه، وحينما تتعرف عليه وتجلس معه لا تمله أبداً، الشيخ عبدالله العثيمين عرف بأعماله الخيّرة، فلا تجد أحداً من الناس صلى عليه إلا ويذكر صنيع أعماله وبره. العجيب أن هذا الشيخ الجليل- رحمه الله-، تم دفنه بصورة سريعة جداً، وفي وقت قياسي، وهذا من حسن خاتمته- إن شاء الله-، كان مسجد الراجحي يستقبل العديد من الموتى يومياً رجالاً ونساء في ذلك العصر ليوم الأربعاء 29 شعبان 1425هـ كان بينهم الشيخ عبدالله- رحمه الله-، ولكم أن تتخيلوا الازدحام الكبير في هذا المسجد والطرق المؤدية إلى مقبرة النسيم، فوالله لقد خرجت من المسجد مرافقا لعمي عبدالرحمن وإخوتي مبكرين نكاد ألا يسبقنا أحد قط؟ وحينما دخلنا المقبرة بعد إيقاف السيارة جهة الشمال إذْ برجال بدأوا بالدفن!! ووجدنا الإخوة قد شرعوا في الدفن ووضع عليه الطوب الطيني، مما تفاجأ الجميع بهذه السرعة، حتى إن غالبية محبيه وصلوا، وقد انتهوا من دفنه - رحمه الله.
أبا خالد.. لقد رحلت عن الدنيا، وهذه سنة الحياة، وستبقى خالداً في ذاكرة محبيك إلى الأبد بما تحمله من سمعة وأعمال خيّرة مباركة.. نعم سيفقدك الفقراء، سيفقدك حي المزرعة بالتخصصي، سيفقدك جماعة المسجد الذين يشهدون لك دائماً بالحضور قبل المؤذن.
هذا الشيخ له من الأبناء خالد، ومن البنات حصة، سلوى، أسماء، مها، نوال، ابتسام، وزوجة هي (هيلة السدحان) الصابرة المثابرة.
تلك البنات تركن أعمالهن، وبيوتهن، وأولادهم رأفة بالشيخ الجليل عندما استدفئ المرض في داخله، حتى عندما ذهب به إلى ألمانيا للعلاج كان في معيته ابنه وابنتاه وزوجته لم نجد من هذه البنات سوى المرافقة اليومية في المنزل، بالتناوب هكذا البر بالوالدين.
|