مرحلة مر بها.. أحس بالخوف بعدها من الله ومن عاقبة ما قدمت يداه.. حاول جاهداً أن يكفر عما سبق وكان من الذنوب والعصيان وراح يسكب دمعه في كل صلاة يستنجد بالعلي العظيم الذي لا يغفر الذنوب الا هو.. يمر في نفسه الكثير من الخواطر ويتصور نفسه وهو واقف بين يديه سبحانه وتعالى.. ما الذي يمكن أن يقوله آنذاك وبأي حجة يبني دفاعاته عندما يسأل ويشهد عليه سمعه وبصره وكل جوارحه؟ يشعر أن العقاب قد حل وألا ملجأ من الله إلا إليه وحده فهو القادر والرحيم الذي يعفو عن المسيئين.
قال لها وهو يحاورها إقبلي الزواج بي ولننهي هذه المرحلة من الحياة التي لم أعد أعرف كيف أصنفها.. قالت وكررتها أكثر من مرة.. لا.. سألها عن السبب فألقت باللوم على الفروق الاجتماعية التي لا تسمح لهما أن يرتبطا كما شرع الله وأنها وأهلها لا بد لهم من مسايرة هذه الأعراف الاجتماعية .. تعرف عليها بطريقة غير تقليدية في زمن لا مكان فيه تقريباً لكل ما هو تقليدي عندما تتعلق المسألة بتعارف الناس وبناء العلاقات.. فوسائل الاتصال والتواصل تعددت وتنوعت وسهلت لمن يرغب الوصول إلى ما يريد دون قيد أو رقيب.. استمر يهاتفها حتى تعمقت العلاقة ونضجت المشاعر في داخله وأصبحت واقعاً في حياته لا يمكن تجاهله أو الاستغناء عنه.. خلال هذه الفترة كانت تطالبه من وقت الى آخر بسداد فواتير هاتفها الجوال حتى تتمكن من الاتصال به كما كانت تدعي لكنه لم يعر هذا الامر اهتماماً كبيراً وكان يسعد بتلبية ما تريد.. وتزايدت المطالب لكنها لم تتعد بعض الامور المالية البسيطة التي كان يرى انه قادر عليها وبمرور الوقت وجد نفسه ملتزماً بمصروف شهري يعاتب ويوبخ إن هو أخل به أو انتقص منه شيئاً.. أحبها بغباء لكنه أحبها ايضاً بصدق ولم يسع خلال فترة العلاقة الى استغلال الأمور والظروف معها فقد كان يسعى ان تصبح زوجته على سنة الله ورسوله ورغم احساسه بعدم سلامة مسلكه معها في الاصل إلا ان ضباب رغبته وجموحها غطى على كل ما انتابه من خواطر وصحوة ضمير او لومة نفس لم تجنح في معصيتها كما كان يعتقد.. فعل كل ما اعتقد انه يقربها اليه حتى جاء اليوم الذي حددت فيه نوع العلاقة التي تنشدها عندما قالت له.. لا وكررتها دون تردد أكثر من مرة.
في هذا الزمن غير التقليدي أصبحت الاعراف الاجتماعية التي وجدت لضبط القيم والمبادئ مجرد شعارات فائدتها انها توضح الفرق بين ما يجب عمله وبين ما يحدث فعلياً على ارض الواقع من سلوك وتصرفات معيبة، وحرص الناس بعد ابتعادهم عن المرجع الأساسي وهو مخافة الله في السر والعلن والدين وما يحويه من قيم وحدود على الرجوع لهذه الأعراف الاجتماعية واشهارها طالما جاءت الامور في النطاق المنظور الذي يعلمه الناس لكنهم في الخفاء وعندما تتوارى افعالهم او مسالكهم عن الناس تبقى هذه الاعراف التي يتمسكون بها مجرد شعارات تنسى وتهمل.. وفي هذا الزمن غير التقليدي ايضاً يمكن للفتاة ان تتعرف على من تريد ولن تعييها الوسيلة او الحيلة في خلق فرص لتطوير هذه العلاقة واستمرارها بالقدر الذي تحدده هي في ظل هذا الانفتاح الذي ينتهجه الناس وان ترتبط ارتباطاً غير تقليدي يتماشى وطبيعة العصر بمن تريد طالما ان المنفعة او المصلحة باقية دون اعتبار للقيم او الاعراف والتقاليد الاجتماعية حتى اذا سارت الامور بعد اعوجاجها الى الطريق الصحيح جاءت هذه الاعراف والتقاليد كحجة لتمنع التصحيح ولتساعد بشكل او بآخر على استمرار الخطأ الذي يحدث بعيداً عن عيون الآخرين. في هذا الزمن أصبحت خشية الناس من الناس وما يقولونه ويتناقلونه بينهم أكبر من خشية الله ومما يراه سبحانه من حالنا في سرنا وعلننا.. اللهم آتِ نفوسنا تقواها إنك سميع مجيب.
|