تخوض المملكة تجربة الانتخابات البلدية الثانية فتدخلها في المنظومة العالمية من باب جديد، فالعولمة طرقت أبواب المملكة منذ زمن بعيد، نجدها في الجامعات وتخطيط المدن والأسواق الكبيرة (السوبر ماركت) والمطارات والمطاعم المرتبطة بشركات عالمية والفنادق والمصارف والسيارات، فنحن نشارك العالم في إنجازاته وفي مظاهره المختلفة، فأسواق المملكة في الأسهم والتجارة العامة ترقب أسواق العالم، بل ترقب تحركات المال ارتفاعاً وانخفاضاً على مدار الساعة، وبما أن النشاط العام في المملكة العربية السعودية مرتبط بالعالم فإن الانتخابات البلدية وجه حضاري جديد يدخل المملكة في مصاف الدول المتحضرة التي تحترم الفرد وتحسب حساباً لرأيه، لقد عشنا في الأيام الماضية مع الانتخابات الأمريكية فكنا نتابعها ساعة بساعة.
فالعالم اليوم يختلف عن عالم الأمس، فالمحطات الفضائية فرضت العولمة على الجميع، أقول هذا القول لأرحب بالانتخابات البلدية التي ستشعرنا بالتفاعل مع العالم، وأن ما يجري في هذا الكون يجري عندنا أيضا، لقد رفعت في الشوارع اللوحات التي تشير إلى مراكز الانتخابات وهذا حدث جدير بالوقوف عنده في تاريخ المملكة العربية السعودية. لقد مرت المملكة بتجربة الانتخابات البلدية قبل ثلاثين عاماً، وهذه التجربة هي الثانية من ضمن منجزات البناء في عهد خادم الحرمين الشريفين، فقد جد في عهده الميمون نظام الحكم ونظام المقاطعات ونظام مجلس الشورى الجديد والخزن الاستراتيجي، وقد سادت تلك النظم وطبقت وبدت إيجابياتها على مدار السنين الماضية. وتجربة المملكة في الانتخابات البلدية الماضية تشبه تجربة المملكة في مجلس الشورى في زمن الملك عبد العزيز، وعندما أنشىء مجلس الشورى الحديث أطل علينا في صورة مختلفة فهو يضم نخبة من أساتذة الجامعات والعلماء وأصحاب الرأي، وبدأ ينجز أعمالاً يراها المشاهد من دراسة النظم وإبداء الرأي فيها، وقد أحسن تلفاز المملكة العربية السعودية في نقل جلسات مجلس الشورى فهي جلسات تشد المشاهد لما يرى فيها من دراسة أنظمة تتعلق بحياته ونشاطه في وظيفته أو تجارته أو صناعته وزراعته، فهذا المجلس الجديد لبس ثوباً يختلف عن ثوب مجلس الشورى القديم، ثم إن هذا المجلس ارتبط بمجالس الشعب والبرلمانات في الدول العربية والعالمية فتبادل المجلس الزيارات مع البرلمانات العالمية مما أسهم في إنجازاتنا الحضارية والتعريف بها في البلدان الأوروبية وغيرها من بلدان العالم، لقد نقل المجلس المملكة العربية السعودية إلى العالم في صورة جديدة تختلف عن الصورة القديمة فهل نجد في الانتخابات البلدية الجديدة ما وجدناه في مجلس الشورى الجديد؟ إننا نتفاءل بخير بأن تتوافر لهذه الانتخابات أمور تقربها من النجاح، من هذه الأمور التنظيم المسبق وتهيئة الجو الملائم من مكان وإرشاد وطرق فالتجربة يخوضها المواطن أول مرة ومنها مستوى الإقبال على هذه الانتخابات.
إننا نتفاءل ونتمنى ونرجو من الله العلي القدير أن تكون النتائج بقدر التطلعات والأماني.
|