نوافذ
(... قررت أن أحكي)
أميمة الخميس

هي جملة وردت في إحدى قصص القاصة (أمل الفاران)، والتي شاركت هي والزميلة (فوزية الحربي) في أمسية قصصية نادرة ومتميزة نظمتها جمعية الثقافة والفنون يوم الأحد الماضي، الأمسية بحد ذاتها بادرتنا بعدد من المفاجآت الملونة، قد يكون...
أولها الحضور الوافر الذي يتجاوز الأعداد الهزيلة التي تكون في هذا النوع من الأنشطة عادة، وثانيها، القيمة الفنية العميقة التي كانت القاصتان تغرفان منها في أعمالهما على مستوى اللغة الجديدة النضرة، المتجاوزة لجميع الاتهامات التي كانت تحاصر تجربة القصص النسائي لدينا، من إسراف في الوجدانيات أو الخطابية الإنشائية، وسوى ذلك من تورط باللغة الشعرية، لقد غاب زخرف الشعر عن القصص ولكن لم يغب سحره، وحظينا تلك الليلة بتجربتين متميزتين، كل منهما استقلت بخصوصية فنية وتمكن من الأدوات، تجعل القصة تتحدى هيبة المنبر وتشدنا باتجاه دهاليز السحر حتى النهاية، البيان الأول الذي أعلنته (أمل الفاران) في قصتها (قررت أن أحكي) وكأنه يشرع البوابة لقدوم مرعد مبرق، تمتطي فيه النساء صهوة الكلام بمهارة وجسارة وتستعيد فيه العصا السحرية للكلام التي ظلت مغيبة طويلا عنهن.
المفاجأة الملونة الثالثة جيل الإنترنت أو أديبات الإنترنت، شاهدتهن صبايا جميلات مورقات متوقدات بالذكاء ولهيب الأسئلة، اخترن نوافذهن الأدبية الخاصة، وأشرن لنا أن هناك جيلاً كاملاً قد نشأ وتبلور وأورق وأثمر بين يدي الإنترنت، فكانت لهن تعليقات لماحة ومشاركات عميقة، والتوقد ونبض الصبا الذي يتوقع أن تكون الأمور أكثر انفراجاً في المنعطف القادم، سمعت إحداهن تقول: لقد عرفت عن موعد المحاضرة عبر (المنتديات) هناك عالم آخر استجاب لهن وصمموه أكثر ليونة وأمناً للصبايا، وأحسست عندها بأن الصورة التقليدية للرجل المثقف الذي يعود إلى منزله وبيده كومة صحف هي صورة قديمة قد بادرها الغبار، وأن هناك أمراً مختلفاً يومض في نقطة ما من أفق المستقبل، فقط علينا الترقب والانتظار.
عدد كبير من المفاجآت الملونة لأمسية واحدة، وفي النهاية لابد أن أشير إلى الخيط الذهبي الرقيق المتين، الذي جمع أوصال المحاضرة وطوقها على جيد تلك الليلة، وهي الزميلة (فاطمة العتيبي) سادنة الكلام والعذوبة.