اليوم هو الأوَّل في الشَّهر الأخير من العام الرابع في الألفيَّة الميلادية الثالثة...، يبدأ بعد انتهائه العام الخامس منها...، ولي مع الأعداد قصةٌ طريفةٌ سُقْتُها قبل سنوات للقارئ العزيز، وضمَّنتها إشارة في كثير ممَّا كتبت...، ولعلَّ آحادية العام الجديد، تمنحني على الأقل داخلياً شيئاً من الأمل، فالله تعالى واحدٌ، وكلُّ ما هو فردٌ يشير إلى وحدانيَّة الله تعالى، بمثل ما كلُّ مُضاعَفٍٍ يشير إلى قُدرته تعالى التي ليس لها مثيل، وإن تعاظمت أمثلتها وتناثرت أدلَّتها...
بالأمل الذي في داخلي، بوصفي واحدة في منظومة هذا الكون العظيم، أُمارس الحياة فيه ضمن العنصر البشري الغالب على الأرض، المتهالك في أداء دوره فيها، وعليها، فإنَّني أتطلَّع إلى إقالة عَثَرات كثيرة وقعتْ فيها دولٌ وليس شعوباً، وشعوبٌ وليس جماعات، وجماعات وليس أفراداً...
وإقالة سقطات لم يستطع عقل المدبِّرين لها من إخفائها، وقع فيها كبارٌ وليس صغاراً، واعون وليسوا جهلاء، عاقلون وليسوا سفهاء، مسؤولون وليسوا سائلين، ذوو قرار وليسوا موجَّهين، كما أتطلَّعُ إلى عودة أسراب الحمام والعصافير إلى أعشاشها، وأن تنمو أوراق الأشجار التي احترقت، وتعلو سيقانها التي انكسرت، وتنهض من الأرض جذوعها التي تطايرت، وأن يعود للقطط الشاردة اطمئنانها، وللزهور رونقها وبهاؤها، كما أتطلَّعُ إلى أن يذهب الصغار إلى مدارسهم وفي صدورهم سكينة من سيعود ليجد أباه، ويرى أُمَّه، وفي استقباله طَبَقٌ من الغذاء دافئٌ، وشربةٌ من الماء باردةٌ، ووسادةٌ مريحةٌ في سكنٍ هادىءٍ، تعبقُ فيه رائحةُ الرَّغيف، ويتناغم فيه صوتُ الأُسْرة. كما أتطلَّعُ إلي أقدامٍ تتحرَّك إلى أعمالها في ثباتٍ، وليالٍ تمرُّ بالنَّاس في هدوءٍ، وصباحاتٍ تأتيهم بالعمل والأمل والفرح في حركة طبيعيَّة لا عَثَراتَ ولا نوازع، ولا خوفَ، ولا تخاذلَ، لا أحقادَ ولا حطامَ، ولا تشرُّدَ ولا فقدَ، لا.. ولا....
كما أتطلَّعُ إلى أن تقوى بالإيمان عزائم المسلمين، فلا يتهاونوا لدنيا، ولا يخسروا لمجد، ولا يتقاعسوا لخوف، ولا يفقدوا لضعف، قوَّتهم إيمانٌ يُعَمِّر صدورهم، وحركتهم ثقةٌ تملأ جنانهم...، يعملون ما وسَعهم إيمانهم، ويتوكَّلون ما صدقَ يقينُهم...
تلك آمال تعتورني؛ أمدَّ لها أيام شهرٍ واحدٍ، لسنةٍ آتية تتداخل لحظاتها بلحظاته، لكنَّ الحدَّ الفاصل بينها رقمٌ واحدٌ ضمن نسيج زمني بُدِىءَ دون أن يعلمه الإنسان، وسينتهي به دون أن يدري متى...، ويقف هو فيه عاملاً وشاهداً، ويكون الزَّمن عليه شاهداً وديواناً.
|