حيواناس
حسين أبو السباع

كلما مرّ القرد أمام النمر ناداه النمر وسأله:
لماذا لا ترتدي القبعة يا قرد؟
يتعجب القرد ويقول للنمر:
يا نمر - عفواً - يا سيدي النمر: أية قبعة؟ إنني قرد ولا أرتدي قبعة ولم أسمع ان أحداً من أجدادي القردة ارتدى قبعة من قبل..
يزمجر النمر ويقول:
اتعارضني يا قرد؟! ويضربه ضرباً مدمياً.
يصرخ القرد ويصيح ويستنجد - دون جدوى - يشتكي لكل من يراه مما يفعله النمر معه لكن لا أحد يجرؤ على أن يذهب للنمر ويقول له: كف عن فعلك.. يذهب إلى كل من في الغابة.. لم يجد حلاً إلا عندما أشار عليه الثعلب بأن يعرض قضيته على الأسد فهو ملك الغابة الوحيد وصديق النمر فلا بد أن يحل هذه المشكلة ويجعلك تعيش أنت والنمر في هذه الغابة في سلام.. وكفى ما أكله النمر من قردة قبلك.
يذهب القرد إلى الأسد مسرعاً قائلاً له:
مولاي الأسد أنت سيد الغابة كلها وليس هناك من يجرؤ على ان ينافسك السيادة.. هل يرضيك ما يفعله النمر بي؟
يبتسم الأسد مظهراً أنيابه ويعد القرد بأن يرى حلاً مع النمر..
يستدعي الأسد النمر ويترقب كل من بالغابة نتيجة هذا اللقاء.. لكن الأسد يسأل النمر بلطف قائلاً:
لماذا يا نمر تطلب من القرد أن يرتدي قبعة؟!
لم نسمع أبداً في الغابة أن ارتدى القرد قبعة.
يقول النمر: حقيقة يا أسد إن القرد يغيظني - كل الحيوانات تتعاطف معه وتحبه ولا يهربون منه مثلما يفعلون معي - فبمجرد أن أراه يتملكني الغيظ ففكرت أن لو أكلته هو الآخر لبقيت الحيوانات في الغابة تذكره دائما بأنه البطل الذي استطاع ان يدفع النمر ليأكله وباقي القردة وقتها لو اجتمعت لتضربني فلن أقدر عليها جميعاً ولن يكون لي وجود وقتها في الغابة كلها فوجدت في هذه القبعة الذريعة التي أستطيع بها أن أضربه وقتما أشاء حتى يترك لي الغابة ويرحل، ثم انك يا أسد ألا تذكر حينما أكلت جملاً بحجة أنه يعزف على آلة الناي ويزعجك طوال الليل؟ هل سمعت يا اسد عن جمل يعزف على الناي؟!
يقول الأسد:
دعنا من هذا.. يا نمر انه قرد ضعيف بالنسبة لك ويسكن أرضا ليست أرضك.. فلماذا تذهب أنت اليه وتطالبه بالخروج منها بهذه الحجة الواهية؟!
يقول النمر:
ان المكان الذي يسكنه هذا القرد بالذات في منتصف الغابة وكل الحيوانات تحب المرور به - فلا بد ان تكون منطقة نفوذ لي - ولا تقلق يا أسد سأعقد معك صفقة وهي ان تتركني أضرب القرد وقتما أشاء على ان اجعلك تأتي هذه المنطقة لتأكل منها ما تشاء فهي مليئة بالخيرات.
فرح الأسد بهذا العرض من النمر، فقال له:
موافق، لكن اسمع يا نمر أنت حيوان قوي فإذا كنت تريد ضرب القرد فلتكن ذريعتك أقوى من موضوع القبعة هذه.
قال النمر: كيف؟!
قال الأسد بعد تفكير:
قل له أريد أن آكل تمراً.. والتمر كما تعلم أنواع وأصناف منه الأحمر والأصفر وهلمّ جرا... وفي كل مرة يأتي لك القرد بنوع من التمر قل له:
لا أريد هذا النوع واضربه حتى يسأم ويخاف ويكف عن المجيء إليك ويترك الغابة كلها لك، أقصد لنا.. ويرحل.. اتفقنا؟!
قال النمر: اتفقنا.
ولما رأى النمر القرد قال له:
تعالى يا قرد انني أريد ان آكل تمراً
فقال القرد:
وأي الأنواع تريد أن تأكل تمراً أحمر أم أصفر ام ماذا؟!
قال له النمر:
لماذا لا ترتدي القبعة؟! وضربه..!!
كانت هذه الحكاية نكتة نضحك عليها ونحن أطفال.. لكنها صارت واقعاً يفهم تفاصيله كل من له سمع وبصر.. وصارت النكتة لا تضحك وإنما تبكي وبشدة.. ونخشى في يوم من الأيام أن نكون كغيرنا.. يطلب منا أن نلبس القبعة وإلا...