يبدو أننا نعيش طفرة فتاوى لم يسبق لها مثيل، فتاوى بالجملة لم يعد إصدارها يقتصر على المشايخ المشهود لهم بالعلم الشرعي أو من المؤسسات الدينية والمراجع الإسلامية، بل كل العواصم العربية وحتى الغربية تصدر الفتوى! برامج الإفتاء التلفزيوني أصبحت أحد الإنتاج الخاص لبعض القنوات الفضائية! مفتون عبر قنوات فضائية أو عبر بيانات شخصية جماعية! وما إن تصدر فتوى إلا وتصدر أخرى بعدها بقليل تناقضها وتنسفها نسفا مستشهدة بدليل من القرآن والسنة! احترنا وضاعت (طاستنا) ولم نعد ندري من يملك الحقيقة فكل يقول أنها لدي ويقسم على ذلك ويبرهن على أن لا حقيقة لدى الآخرين وان الحقيقة التي لديهم (تقليد) والأصل لديه في سحارته التي لها سبعة أقفال!! الفتوى يتم إصدارها ثم يتم التوقيع عليها وختمها بالختم الخاص ثم نشرها في الهواء الطلق! قد تتضاد مع فتوى أخرى بنفس الموضوع غير مهم فالساحة ما زالت مفتوحة لكل من يريد أن يفتي ويقول رأيه حتى فقدت الفتوى تأثيرها، فتوى تضرب الأخرى تطرحها أرضا وتشبعها ضربا مبرحا أمام الناس مما يثير الحيرة والانقسام! لم يعد الضرب والاختلاف يتخذ الكتب والأروقة مكاناً له بل يأتي أحيانا على الهواء مباشرة.
وبعد أن احتار حتى المريدون والاتباع يبرز سؤال مهم: ما جدوى هذه التصريحات (الفتاوى) التي تشتت وتشكك الناس وتهز مصداقيتهم في أهل العلم الشرعي؟. داخلياً نحن في أمس الحاجة إلى وحدة المشاعر الدينية الصادقة التي تعمل على تمساك المجتمع وبحاجة إلى تلاحم وطني يجمع الناس حول موقف ديني واضح من الأحداث الداخلية والخارجية، لسنا بحاجة إلى مزيد من الهزات فيكفي المجتمع ما عاناه من هزات أمنية! والتي لا تقل هزات الفتوى عنها قوة!! أيها المفتون رحمة بنا، وهل يمكن لكم أن ترسوا على بر وتتركوا الفتوى لمن هو أهل لها؟!!.
|