أي نعم رحمك الله يا أبا محمد منديل الفهيد- رحمك الله- يا راوية عصره في نجد نعم أقول هذا بكل ثقة، وأنه لا يخالفني أحد بذلك فقط كنت الراوي وكنت المرجع للمختلفين على رواية عرفناك منذ أكثر من خمسة وأربعين عاماً لا يحلو لمجلس إلا بك وقلما تورد رواية إلا بما يوثقها من حقائق سواء عشتها أو رويتها عن ثقات معروفين، ومعذرة يا أبا محمد حينما تأخرت في الكتابة عنك فقد أحجمت المصيبة القلم واللسان.
كان- رحمه الله- سليل أسرة عريقة في شرق القصيم تنتمي إلى الأساعدة قسم من عتيبة اشتهرت بالكرم والجود، وورد اسمها في عدة مواقع وبرزت في عدة مواقف طلب الجد الأول للأسرة، كما تقول الرواية من الإمام عبدالعزيز بن محمد موقع عين ابن فهيد التي تنسب لهم، وعندما سأله الإمام- رحمه الله- عن الغرض من طلب عين مهجورة ربما لا تعود عليه بالنفع قال أريد: أن أكون ملتقى للأخيار من الشمال والجنوب فأعطاه إياها تشجيعاً لهذا الهدف وفعلاً عمرها، وأصبحت مقصداً للرحل وعبار الطريق حتى قال أحد مشايخ عنزة من قصيدة طويلة:
تلقى محمد بأسفل السيح زراع
قرم إلى شاف النشامى يهلي
ما حط بالونه ولا كال بالصاع
متمعنى به واحد ما يخلي |
المهم أن فقيدنا عاش في هذه البيئة الكريمة يرى مظاهر الكرم والشجاعة وطوال عمره المديد الذي ربما زاد عن مائة سنة الذي عاصر فيه جزءاً كبيراً من تاريخ نجد، وعاصر فيه فحول الشعر أمثال سليمان شريم، وتبادل معهم بعض القصائد لم يذكر عنه أنه نسب لأسرته أو له شيء من المجد، بل ترك أفعالهم والمنصف من الناس يتحدث عنهم، وهم أهل لذلك ففي جزء من قصيدة سمو الأمير محمد بن سعود بن فيصل التي أرسلها إلى محمد العبدالله بن رشيد يذكره فيها أنه ما زال موجوداً حين المناظرة بينهما، فقد اعتاد الشاعر أن يركب مطيه من نجائب الإبل تحمل رسالته فهو يقول:
وعند ابن فهيد مضرب مرحباني
وسوالف يطرب لها البال وان جن |
كان فقيدنا مثل كافة أهل نجد معجباً بشخصه جلالة الملك عبدالعزيز- رحمه الله- ويعرف الكثير من المواقف، ومن الأقوال المأثورة له، وممن أكدوا قوله -رحمه الله- للشعر الرفيع المستوى، وكذلك شعر المداعبة للمقربين منه، وقد وثق بعض رواياته في كتاب أسماه من الأذن الشعبية. رحم الله أبا محمد وبارك في عقبه.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
حمد بن عبدالله الصغير |