سعادة أخي الفاضل الأستاذ خالد بن حمد المالك حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تفضل المعلم الإنسان الأديب الأريب الأستاذ عبد الله بن إدريس فكتب في جريدة الجزيرة الغراء يوم الثلاثاء 17 شوال 1425هـ مقالاً يعلّق فيه على تكريم وزارة التربية والتعليم لفقيدها الراحل الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن الدريس رحمه الله وأكرم مثواه.
بدأت أقرأ المقال فأحسست أن الكاتب الفاضل - حفظه الله - في حديثه عن شخصي كأنما يتحدث عن نفسه ، وما فيها من أصالة ونبل ، وصفاء ووفاء ، فتذكرت قول الشاعر المعاصر : (كن جميلاً ترَ الوجود جميلاً)
وتبينتْ لي صحة هذا القول ؛ فأستاذنا الكريم كان ينظر إليّ من خلال نفسه ؛ فيرى مع الحقيقة أشياء أخرى ، فجزاه الله أحسن جزاء وأوفاه.
إن المسلم الذي خالطت بشاشة الإسلام قلبه (وأحبُّ أن أضع خطّاً تحت: (خالطتْ بشاشة الإسلام قلبه) ، يُحسنُ الظنَّ بالناس ، ويعلم أن إيمانه لا يكتمل حتى: (يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه) ، وينظر إلى الخلق على أنهم : (عيال الله ، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله).
إذا كان هذا شأن المسلم العادي ، فأحرى بالمربين ومن ينتمون إلى مؤسسات التربية أن يكونوا كذلك : فيما بينهم ، ومع الناس ، حتى يُصدِّقَ حالُهم مقالَهم ، وحتى يقدموا لأبنائهم وبناتهم الأنموذج الصالح ، والمثال الحي ، لأن التربية بالقدوة أعمق أثراً في النفوس ، من القول المجرد الذي لا يسانده واقع محسوس.
وما يصدق على الفرد ، وعلى الأسرة ، أو الجماعة الصغيرة ، يصدق - في اعتقادي - على المجتمع ، وعلى مؤسسات المجتمع ، فما لم تكن هناك علاقات إنسانية قوية ، وروابط أخوية متينة ، وما لم تسد روح الإخلاص ، والمحبة ، والتعاون لا يمكن أن يتحقق في ذلك المجتمع ، أو تلك المؤسسة معنى (الجسدية الواحدة) التي أشار إليها الحديث الشريف.
وإنني أحمد الله على أننا في وزارة التربية والتعليم التي لم يبق صقع من أصقاع هذا الوطن إلا فيه غُصنٌ مثمر من أغصان دوحتها الوارفة الظلال ، نسعى جاهدين لتطبيق هذه المبادئ، وكم يعظم سروري عندما نتخاطب جميعاً فيما بيننا - نحن منسوبي الوزارة - بالكنية المحببة لا بالألقاب الأكاديمية ، فنقول : يا أبا حمد ، ويا أبا محمد ، ويا أبا فلان...
وأصدقك القول أيها الأخ العزيز : إن سروري وأنا أسمع من الصغير والكبير يناديني ويتحدث عني بأبي أحمد ، أكبر من سروري بأي لقب آخر.
إن من الشعارات التي أحببتها ، واقتنعت بأهميتها ورفعتها مع زملائي في وزارة التربية والتعليم:
(إذا كانت الإدارة سلطةً
أعطاها المرؤوسون طَرَفَ ألسنتهم
وإذا كانت قلباً واحتراماً
أعطَوها ذوب أنفسهم
وبدا هذا كلّه في عطائهم)
يقول المثل الشعبي عندنا : (الله لا يجبرنا على تبيان حبك) يعني : ان العاطفة الصادقة تظهر بأجلى صورها عند الفقد ، فنسأل الله ألا تكثر المناسبات التي تجبرنا على إظهار مشاعرنا !
لقد أخجلني أستاذي الفاضل بثنائه الصادق الكريم ، الذي ينبع من روحه الشفافة ، وأسأل الله له البركة في كل ما أنعم به عليه ، فيزداد عطاءً ونزداد نحن انتفاعاً.
وأخيراً أقول : لا خير في مجتمعٍ لا تراحم بين أفراده ، ولا خير في مؤسسة تربوية لا تبرز هذا التراحم بأنقى وأبهى وأصدق صوره.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
محمد بن أحمد الرشيد |