ما بين الأمس واليوم أشعر بأني كائن جديد...
سقط من ظهر اليوم ليقع في أيادي الأمس القديم...
وما أصعب أن تبدأ حياتك من جديد بعد ثلاثة عقود من الزمن..
كطفل لا يفقه من هذا العالم شيئاً...
ورأيت العالم من حولي بعيني طفلٍ حديث...
عالمٌ غريب... مُثير... جميل...
وبدأت أولى خطواتي وكأنني ما خطوت
قبل اليوم قط!!
أسير كطفل في عامه الأول بخطوات متعثِّرة...
تارة أجيد السير... وتارة أقع ولكن بدون دموع... وبدأت أتعلم الحروف من جديد...
لأجد حروفي تارة تضحك.. وتارة تغتسل بدموعها...
أما عالم الأرقام فما أفظعه...
أحياناً يكون الرقم لي... وأحياناً لغيري... هكذا الدنيا مكسب وخسارة...
لم أكن أعلم بأني حتى الآن لا أفقه من ألغاز الحياة شيئاً...
الآن فقط بدأت أتعلّم أسرار الحياة ولغة البشر الأفعوانية المنمّقة بزيف السموم...
وبدأت أجيد حل معادلات الحياة وفك طلاسمها المكعّبة وتبسيط كسورها المركّبة...
لقد تعلّمت أن المنطق مقلوب... والحق مسلوب...
والخطأ يتضاعف... وأن ما بُني على صحيح فهو صحيح...
عندما عُدت لنقطة البداية... وبدأت أتفقّد ملامس الأشياء من حولي كطفل جاهل لا يفرِّق بين الجمرة والتمرة...
وجدت ملمس الضعف هشاً... وملمس القوة شديد الصلابة، وتذوّقت طعم المشاعر فوجدتها مستساغة... مذاقها طيب... إلا أن التلاعب بها يجعلها مُرة المذاق...
فلتتلاشَ سنوات عمري الثلاثون وتنسحق تحت طاحونة الماضي... لاني أريد الحياة من جديد... كطفل يجول بناظريه يبحث عن معنى الحياة...
|