تطرقت للكتابة في موضوع السعودة، لأنه كان هاجساً ينتابني مثل غيري من الناس، وفضلت في هذا الطرح أن أتناول الموضوع بحديه السالب والموجب.. كما أن الحديث يحتاج منا إلى وقفة تريث لا إلى أحلام نعلقها في الخواء وسرعان ما تهوى، بل لا بد أن يكون على أسس صلبة، وأن نتخطى العقبات من خلال رؤى ثاقبة، ورغبة مؤكدة تقودها عزيمة وإصرار واستعداد!
فالسعودة بلا شك حلم يراود كل مواطن.. والحالمون تتسع أحلامهم ويطمحون إلى الكثير.. ويدور في نفسي منذ شهور سؤال يحتاج إلى إجابة مؤكدة: ماذا نستطيع تقديمه، إذا أردنا أن نحظى بالسعودة؟
ماذا غرسنا من فضائل تنشئة ودماثة خلق وتهذيب وإخلاص والتزام وقيم وفضائل وحب الوطن وشمائل جمة لا يمكن حصرها؟
لعل البعض يغفل أن السعودة تأتي طائعة مختارة على طبق من ذهب للحالمين الذين ناموا على فرش وثيرة، وتهيأت لهم سبل العيش الرغد، ونسوا أن هناك أناساً أخلصوا بحق وحملوا على عاتقهم هاجس هذه الكلمة وانخرطوا في سلك العمل بوفاء، ويسعون من أجل أن يكون لهم بصمة.!
ولعل المثل السائد من جدَّ وجد، ينطبق على شريحة قليلة من الأفراد النماذج تسعى إلى حياة العمل مختلفي المشارب.. ولقد شاهدت نموذجاً لأحد الأفراد في أحد المستشفيات، وهو يعمل موظف استعلامات يتعامل مع المراجعين والمرضى بفوقية وتعال وغرور لم أرهما من قبل.!
كان فض الطباع، وهي السمة السائدة في طبعه.. وعندما أبلغت مدير المستشفى، قال: إنه تم فصله قبل ذلك، ولكنه عاد بعد مدة قصيرة وأبلغ مكتب العمل والعمال أنه مواطن ويحظى بميزات لا تتوفر عند الغير.!
هنا أحتاج إلى وقفة عند معنى الالتزام هذا الموظف غير العابئ وغيره كثر في هذا المجال.!
نحن نريد جادين لمعنى السعودة وإنجازها، ولابد على مكاتب العمل أن تتطلع على خريطة الأعمال، وتزور الكيانات لتراقب ما يحدث، ولتكن المتابعة من إدارة قوى العمل!
ويظل السؤال يتجدد في حدة، وهو: هل كل من يتصف بالانتساب إلى الوطن، يسيء خلقه في عمل عام، ويحميه النظام بظلم، ليبطر ويسيء تصرفاته في مرفق عام، يحتاج إلى الخلق قبل صورة المواطنة، وإذا مكتب العمل لا يهمه ذلك، فإن الدكتور غازي القصيبي يفضل الخلق على السعودة في تقديري، يا سادة: الخلق أولاً، والسعودة ثانياً، هذه هي موازين الحق والعدل في الدنيا كلها، ونحن أحق بذلك، وإن رأيناها في الغرب عنوان تعامل وحياة!
نريد رجالاً أمناء ملتزمين، غير كثيري الأعذار الواهية والكذب الكثير والاستئذان أثناء أوقات الدوام، ويتحول مكتب عمله إلى مقهى أو مطعم.!
ربما السعودي متهم بأنه غير كفء لأداء مهام عمله، ومتهم بالتقصير، ولعل مرد ذلك عدم تهيئته كما ينبغي للعمل فيما وضع فيه، وعلى المؤسسات الوطنية أن توجه تلك القدرات، فذلك أجدى لإخراج نماذج لديها كفاءة واستعداد لأداء العمل والارتقاء به ومنه نحو الأفضل.!
وأكرر : لابد من الالتزام لأنه سبل النجاح، كما أن أخلاقيات العمل بحسن التعامل مع الغير شيء أساس في سلوك يؤدي بإخلاص، إذا كنا حقا جادين في مفهوم السعودة، وهي عنوان ينبغي الإعداد والاستعداد له، وليس كلاماً يردد!
إنها أحلام تراودنا ونطمح إلى تحقيقها، ولكن بقدر ما نعطي نأخذ، حتى نكون أصحاب حق نؤدي ما علينا بأمانة وإخلاص كما قال الحديث الشريف (إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه).
مرفأ :
ليتنا نعطي بقدر ما نقول، وحتى نحقق النجاح والرقي.
|