أمنت الدكتورة نور الدجاني الشهابي ممثلة مكتب اليونسكو الاقليمي ببيروت على ما جاء في حديث المدير العام لليونسكو لدى إطلاق عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية حول الترابط الأساسي ما بين السياسات، إذ قال: (لا يشكل محو الأمية أحد أهداف التعليم للجميع الستة التي جرى الاتفاق عليها خلال المنتدى العالمي للتعليم الذي عقد في داكار -السنغال في نيسان - ابريل 2000، بل يعتبر أيضاً ركيزة أساسية للأهداف الخمسة الأخرى. فالأدلة تشير إلى أن ارتفاع معدلات القرائية - لا سيما لدى النساء - يعتبر عاملاً أساسياً للحد من معدلات وفيات الأطفال الرضع وتحسين صحة الطفل. بالتالي سيؤدي عقد محو الأمية دوراً جوهرياً في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. ومن هنا ضرورة التركيز على التعليم للجميع، مع إعطاء الأولوية إلى المجموعات الأكثر حرماناً، وبالأخص النساء والفتيات، والأقليات العرقية واللغوية، والسكان الأصليين، والمهاجرين واللاجئين، والأطفال خارج المدرسة والشباب، والأشخاص الذين يعانون من إعاقات، وسيكون عقد محو الأمية عملي المنحى، ما يعزز صوتاً للجميع وتعلماً للجميع).
وقالت الدكتورة الدجاني في كلمتها الموجهة إلى الورشة التدريبية للقيادات النسائية العاملة في مجال محو الأمية: إن عدم المساواة في التعليم ناجم عن قوى متجذرة في المجتمع تمتد إلى أبعد من صدور الأنظمة التربوية والمؤسسات وسير العمل، وهنالك حاجة كبيرة لإجراء تعديلات على مجموعة من السياسات الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى السياسات التعليمية إن أردنا تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم وتحقيق قفزة تجاه خفض الأمية.
وأكدت الدجاني أن الواقع يثبت أن أكثر من نصف النساء العربيات أميات مما يعني أنهن يبقين بعيدات عن أغلبية الأمور التي تجري في إطار الحياة العصرية.
كما أن في المنطقة العربية، بالإضافة إلى جنوب وغرب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء، أعلى نسبة تفاوت بين الجنسين في العالم. إلا أن أداء الفتيات اللواتي يحظين بفرصة الالتحاق بالمدرسة يكون أفضل من أداء الفتيان. فالفتيان يعدن صفوفاً أقل من الفتيان ومعدلات البقاء حتى الصف الخامس أعلى بين الفتيات منه بين الفتيان، وهذا ينعكس في مستوى التعليم الثانوي، الذي زاد معدل الالتحاق الإجمالي فيه من 49% في العام 1990 إلى 70% في العام 2000 أي أن عدد الفتيات يتعدى عدد الفتيان في هذا المستوى. وقد زادت مشاركة الفتيات في التعليم الثانوي خلال التسعينات في معظم الدول العربية، وهذا أمر مشجع جداً، ويعطي ورشتنا هذه دفعة نحو الأمام، الا أن الطريق ما زال طويلاً.
عوامل لتحقيق المساواة
وأكدت د. الدجاني ضرورة أن نعي الأسباب التي تعيق تقدم الفتيات وقالت في هذا الصدد: أشير هنا إلى عدة عوامل أذكر منها ديناميكية الأسرة، وقوة التقاليد، وتحمل النماذج المقبولة، والأعمال المنزلية، وزيادة الرسوم المدرسية، والتعرض لفيروس نقص المناعة البشري - الإيدز، وعدم المساواة في سوق العمل.
أما العوامل التي تساعد على تحقيق المساواة فتشمل تغيير القوانين، وتغيير المواقف الاجتماعية والحوافز للحد من عمل الأطفال / الفتيات، والمنح المدرسية والغذاء، وتشجيع دمج النساء في القوى العاملة وتمكين النساء.
واستنتجت الدجاني أن هنالك ضرورة لإعداد وتنفيذ استراتيجيات وبرامج تعالج بفعالية الفجوات بين الجنسين في نوعية التعليم والتدريب وملاءمتها لاحتياجات العمل. وهذا جزء أساسي من عملية التمكين للفتاة والمرأة، وقالت إن هنالك ضرورة لتشجيع وسائل الإعلام على الترويج للنماذج الإيجابية في الأدوار الاجتماعية للرجل والمرأة في المجتمع، ولاسيما لدور المرأة العربية الاقتصادي الفعلي ومساهمتها في التنمية البشرية والاقتصادية المستدامة.
وذكرت المتحدثة بعض الإجراءات التي اتخذتها الأمم المتحدة مؤخراً في سبيل تعزيز تعليم الفتيات ضمن إطار تحقيق أهداف التعليم للجميع وحددتها في:
- مبادرة الأمم المتحدة حول تعليم الفتيات.
- عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية.
- المبادرة حول محاربة فيروس نقص المناعة - الإيدز.
- مبادرة الأمم المتحدة حول الصحة المدرسية.
وقالت ان الأمم المتحدة بشكل عام واليونسكو بشكل خاص تضع أهمية كبرى لتعليم الفتيات، فقد وظفت اليونسكو طاقاتها على مدى أكثر من خمسين عاماً لتعزيز المساواة بين الرجال والنساء من خلال العمل في كافة مجالات اختصاصها. وقد عقد المؤتمر الأول للمنظمات النسائية غير الحكومية في باريس في العام 1949، وصدرت في العام 1952 التوصية الخاصة بالتحاق النساء في التعليم عن (المؤتمر الدولي الذي نظمه مكتب التربية الدولي في جنيف حول التعليم العام، وفي العام 1960 اعتمد المؤتمر العام لليونسكو الاتفاقية ضد التمييز في التعليم. وأطلقت اليونسكو في العام 1963 بتمويل من السويد المشروع الأول لتعليم النساء الإفريقيات، ونظمت اليونسكو خلال الفترة 1976 - 1985 عقد الأمم المتحدة عن النساء.
وقد ركزت أنشطة برامج اليونسكو منذ البداية على توفير الأنشطة القرائية والبرامج التربوية للنساء والفتيات وقد ظهرت المشاكل المرتبطة بتحرير النساء والفتيات من الأمية والتحاقهن بالمدرسة خاصة في المناطق الريفية. وقد أدت الأسباب الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية للتمييز ضد النساء إلى وضع المبادىء الأساسية للسياسة مع الدول الأعضاء ومجتمعات الخبراء بهدف التغلب على التهميش.
وتلحظ استراتيجية اليونسكو المتوسطة الأمد للأعوام 2002 - 2007 التي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في تشرين الثاني - نوفمبر 2001 انه يتعين دمج احتياجات النساء في أنشطة البرامج والمشاريع، بما في ذلك المحوران الخاصان بالقضاء على الفقر، بخاصة الفقر المدقع، وبمساهمة تقانات المعلومات والاتصال في تطوير التربية والعلم والثقافة وبناء مجتمع المعرفة. وعلى دمج الجندر بكافة المراحل بدءاً من التصميم ووصولاً إلى التقييم، وتلتزم اليونسكو في تنفيذ مهمتها بتعزيز تمكين النساء وبتحقيق المساواة بين الجنسين بقطاعاتها الخمسة وفي كافة برامجها.
وأكدت د. الدجاني سعي اليونسكو إلى بناء القدرات في الدول الأعضاء لتلبية احتياجات النساء بشكل أفضل من خلال وضع مقاربة شاملة ومتعددة الاختصاصات للمسائل الخاصة بالجندر. أما المؤشرات التي يتعين استخدامها لتعزيز المساواة والقضاء على الفروقات بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي بحلول العام 2005 وفي كافة مستويات التعليم بحلول العام 2015 على أبعد تقدير فهي نسبة الفتيات للفتيان في التعليم الابتدائي والثانوي، ونسبة الإناث المتحررات من الأمية للذكور بين 15 و 24 عاماً، وحصة النساء في الوظائف مقابل أجر في القطاع غير الزراعي، ونسبة المقاعد التي تحتلها النساء في البرلمانات الوطنية.
وفي ختام حديثها أشارت الدجاني إلى الاستراتيجيات التي شملتها خطة العمل الدولية لعقد الأمم المتحدة لمحو الأمية والتي ارتكزت على خطط محددة جرى اقتراحها لتحقيق النتائج المرجوة وهي:
أ- وضع محو الأمية في جوهر كافة مستويات الأنظمة التربوية الوطنية والجهود التنموية.
ب - اعتماد مقاربة تولي وسائل التعليم النظامي وغير النظامي على السواء أهمية متساوية.
ت - الترويج لبيئة داعمة لبرامج محو الأمية ولملكيتها من قبل المجتمعات المحلية.
ث - إقامة شراكات على كافة المستويات، لاسيما المستوى الوطني منها بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، هذا بالاضافة إلى شراكات على المستويات الاقليمية وشبه الاقليمية والدولية.
|