اللهاث والجري من أجل إجراء الانتخابات في العراق في ظل الأوضاع غير الطبيعية التي تشهدها أغلب المناطق العراقية يثير الاستغراب لدى العراقيين قبل غيرهم، والمواطن العراقي المشغول الآن بهم توفير الغذاء لعائلته والباحث عن الأمن والهدوء يستغرب ان تحظى مسألة ليست في قمة اهتماماته على الشأن العراقي الرسمي والحزبي في حين كان الأجدر بالحكومة وقوات الاحتلال والأحزاب السياسية التي تعمل تحت ظل هذه القوات العمل والبحث عن حلول ناجعة لما يعاني منه المواطن والعائلة العراقية بوجه خاص، وبالذات توفير الطعام بحدوده الدنيا التي تحقق للإنسان العراقي الكرامة التي لا يتنازل عنها في أشد الأوقات حرجاً، وهو ما يعرفه كل الساسة العراقيين، ولذلك وحتى في أيام الحصار الاقتصادي كانت الحكومات السابقة تحرص على عدم المس بالكرامة العراقية، وعدم التقتير والمساومة على لقمة العيش، إضافة إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار اللذين أصبحا من الأمنيات التي يحلم بها العراقي. فبالإضافة إلى قوات الاحتلال التي تعد هدفاً يومياً لرجال المقاومة، أصبح كل متعاون مع هذه القوات مشروعاً للتصفية، ولهذا فإن مجرد الانخراط في عملية الانتخابات والمساهمة فيها يعرض المشاركين إلى خطر داهم يتردد الأكثرية وأغلب العراقيين في الاقتراب من هذا الخطر، ولهذا فإن الأحزاب والجمعيات التي طالبت بتأجيل هذه الانتخابات كانت تعكس واقعاً لا يخدم إلا الهامشيين من السياسيين الذين أتوا مع قوات الاحتلال، وهؤلاء يلهثون لإجراء الانتخابات في ظل هذه الأوضاع غير الطبيعية حتى تفرز نتائج غير طبيعية وغير معبرة عن الواقع العراقي في ظل عزوف الوطنيين العراقيين الرافضين التعاون مع الاحتلال إضافة إلى المتخوفين الذين يعرفون أن يد المقاومة ستطولهم إذا هم ساهموا في تزييف إرادة الشعب العراقي.
|