تعد الوثائق من أبرز الأدوات التي تستخدم في تدوين القضايا التاريخية، أو في تصحيح معلومات تاريخية متضاربة، تكون الوثيقة عادة هي الحكم العادل في إقرار المعلومة أو دحضها.
ومن هنا جاء الاهتمام بالوثائق على مستوى العالم لأنها تمثل ذاكرة الأمة، فأنشئت الارشيفات ودور المحفوظات في أغلب دول العالم لتجمع منها الوثائق ذات العلاقة بالدولة، وتصنف ليسهل استخدامها، ويستفاد منها من قبل الباحثين، وقد تكون هناك ارشيفات خاصة لأشخاص بعينهم تحفظ فيها أوراقهم الشخصية التي غالبا ما تكون محتوية على معلومات عن صاحبها، وتوضح اتصالاته وإسهاماته المختلفة.
ثم هناك نوع ثالث للوثائق وهي الوثائق الاجتماعية، ويمثلها الأوراق المنتشرة بين أيدي الناس والمحفوظة لدى الأسر، ويكون محتواها في الغالب التعبير عن الحياة اليومية للمجتمع والصلات بين أفراده، ومن هو في حكم ذلك من أشياء تتصل بأفرادهم من عامة الناس ليست لهم أي صفة رسمية.
ومثل هذه الأوراق والوثائق لها جانب مهم هو أنها تعبر ببساطة عن حياة الإنسان وتمثل فترته الزمنية، وما كان فيها، وتكشف عن مبالغة الاشخاص في وصف قضية من القضايا.
واذا كانت الوثائق الرسمية التابعة للدولة أو شبه الرسمية التي تتبع أفرادا لهم صلة بالعمل الرسمي تحظى أو حظيت باهتمام كبير لأنها مجمعة ومنظمة في الغالب، فإن الوثائق غير الرسمية تعاني من التشتت والإهمال وعدم الاهتمام وبالتالي فقد منها الكثير، وما تبقى قل الاهتمام به لأن الاعتقاد السائد بين بعض الباحثين وليس جميعهم أن هذه الوثائق لا تعبر إلا عن حالة المجتمع اليومية.
ويعد الأستاذ فائز بن موسى البدراني الحربي من بين أكثر المهتمين بالوثائق الاجتماعية ذات العلاقة بحياة الناس والبسطاء منهم على وجه الخصوص، وقد كرس جهده في تتبع هذه الوثائق خاصة ما يتعلق منها بقبيلة حرب، وتكلف كثيراً في تتبع مظان هذه الوثائق والسفر إليها، ولكن الحصيلة (حتى الآن) كانت مميزة، فقد نشر الأستاذ فائز مجموعة من الكتب اعتمد فيها على هذه الوثائق أو قام بنشر النصوص الوثائقية منها وهي:
- وثائق تاريخية من منطقة المدينة المنورة، وثائق وادي الفُرع الجزء الاول.
- أشهر القضاة وكتبة الوثائق في وادي الفرع بمنطقة المدينة المنورة (1000 - 1350هـ).
وصدر الجزء الأول من الكتاب الأول محتوياً على وثائق تمثل جوانب من الحياة في وادي الفرع في الفترة من 1000 إلى 1180هـ.
وهو ما سوف أستكمله في الحلقتين القادمتين إن شاء الله.
|