الكل في دول المنطقة متهم من قبل الولايات المتحدة إلا إسرائيل، رغم أنها مسؤولة عن معظم البلايا، فضلا عن أنها صاحبة أكبر سجل إجرامي ليس في المنطقة بل في العالم أجمع بسبب جرائمها اليومية المتمثلة في قتل الفلسطينيين والتنكيل والزج بهم في السجون تحت ظروف لا إنسانية وتدمير منازلهم وحرمانهم من أبجديات العيش الكريم.. وتكفي هذه الممارسات لخلق حالة من الغضب بسبب هذا الانحياز الواضح لإسرائيل من قبل الدولة العظمى الوحيدة في عالم اليوم والتي يفترض أن تلزم جانب العدل من أجل الإسهام في خلق عالم مستقر وآمن، لكن السياسات الأمريكية تغذي على طول الخط هذا الغضب الذي يتخذ أشكالا عدة، ومن ثم تظهر الولايات المتحدة في إحدى مراحل هذا الغضب وتحاول إقناع الجميع أنها تحارب الإرهاب بينما هي تتحدث في الواقع عن أناس في فلسطين يحاولون نيل حقوقهم والدفاع عن أنفسهم ضد جبروت آلة الموت الإسرائيلية التي تعمل في أجسادهم صباح مساء.. وتحت مسمى محاربة الإرهاب فإن دولا عديدة تقبع تحت المنظار الأمريكي، وعند رصد أي بادرة باتجاه الحصول على تقنيات جديدة ولنقل نووية لأغراض سلمية فإن أمريكا تتحرك بكل آلتها الحربية والسياسية والعالمية لتملأ العالم ضجيجا عن أناس يسعون لإبادة البشر، بشرط ألا تكون الدولة المعنية هي إسرائيل، والأمثلة عديدة وهي تمتد من سوريا إلى إيران مروراً بالعراق الذي يجري تدميره بزعم احتوائه على أسلحة محرمة دوليا، وهي بعد أكثر من عام لا يبدو أن هناك ثمة أثر لها.. وتخطئ الدولة الكبرى إن هي راهنت على مجرد القوة لإخضاع الشعوب، والأمثلة حية على أرض الواقع من فلسطين إلى العراق.
إن كل التعاليم الدينية والمبادئ الإنسانية تنبه إلى أن البشر جميعا هم على قدم المساواة، وهذه الصيغة المبسطة لإدراك أهم حقائق الواقع الإنساني يجري إهمالها عند التعامل مع قضايا المنطقة ، لكنها تظهر بشدة في المسوغات والمبررات التي يتم بمقتضاها تجييش جيوش الغزو والاحتلال تحت عناوين أنيقة تتحدث عن حقوق الإنسان.. وسيكون مفيدا للقوى الكبرى أن تقدم المثال للآخرين من خلال تبنيها وتطبيقها بصدق لحقوق الإنسان، بدلا من استغلالها لتبرير الهيمنة، وعندها يمكن الحديث عن أمل في التسوية للمشاكل التي تقض مضجع العالم.
|