* الرياض - الجزيرة:
دعا معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ إلى ضرورة دراسة وتأصيل فقه الأزمات والفتن، وذلك لحاجة الأمة الإسلامية إليه، وليكون طلاب العلم على معرفة به، ولا يجوز أن يُغفل ولا أن يُترك الكلام عنه؛ إذ إن هذا الزمن أظهر حاجة الأمة إلى فقه الأزمات والفتن وفقه الدعوة إلى الله.
ولفت معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ النظر إلى أن الأمة اليوم بجميع فئاتها السياسية، والعامة، والمثقفين، وطلبة العلم، والدعاة، والمتحمسين للشأن الإسلامي العام نجد عندهم الكثير من الإشكالات المتعلقة بهذا الواقع الإسلامي المرِّ الذي نعيشه، وقال: فنحن ما بين دوائر التفجير إلى دوائر التكفير، وما بين تخدير المشاعر وتخدير الغَيْرة إلى الحماس والاندفاع.
وأبان معاليه أن أول ما يظهر لنا في أصول النظر في فقه الأزمات والفتن العناية بفقه المرجع، وقال: إنه لا بدَّ أن يكون للناس مرجع يرجعون إليه، والأصل في هذا قول الله جلَّ وعلا: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء: 83).
جاء ذلك في كتاب صدر حديثاً ضمن سلسلة الكتب العلمية الخاصة بالمحاضرات العلمية والدعوية لمعالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ التي تصدرها الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد؛ حيث يأتي هذا الكتاب السادس بعنوان: (فقه الأزمات).
وفي مستهل الكتاب أبان معالي الشيخ صالح آل الشيخ أن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. والفقه يتنوع، فنحتاج إلى الفقه الأكبر، وهو التوحيد، وإلى الفقه في العبادات، والفقه في المعاملات، والفقه في الأحوال الشخصية، أو إلى الفقه في النكاح، والطلاق، والوصايا، وما شابه ذلك.
وأبرز معاليه أنه في هذا الزمن ظهرت الحاجة إلى نوعين من الفقه: الأول فقه الأزمات والفتن، والثاني فقه الدعوة. وقال: أما فقه الأزمات والفتن فيجب أن يُؤصَّل له؛ لحاجة الأمة إليه، وليكون طلاب العلم على معرفة به؛ فإنه من الأهمية بحيث لا يجوز أن يُغفل ولا أن يُترك الكلام عنه. أما فقه الدعوة فتشدَّد الحاجة في هذا الزمن لفقه صحيح في الدعوة إلى الله عز وجل.
وفي هذا الشأن، شدَّد الوزير آل الشيخ على أن الفقيه العاقل هو الذي يعرف الحكم الأكثر خيريةً، ليحكم به ويدعو الناس إليه، والأكثر شراً لينهى الناس عنه. وهذا الفقه هو الذي نحتاجه اليوم أكثر، ونحتاج إلى تدريسه وإلى ترسيخه؛ لأنه إذا لم يؤصَّل مبدأ السياسة الشرعية، وفقه السياسة الشرعية، وكيفية رعاية المصالح ودرء المفاسد، فإننا سنسمع أفكاراً غير صحيحة شرعاً. لهذا نقول: إن طلبة العلم يجب عليهم أن يأخذوا بالقاعدة الصحيحة المتفق عليها، وهي أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.
وأضاف قائلاً: إن الباب الذي فيه مصلحة موجودة، أو يُرجى تكثيرها، فهذا نجزم بأن الشريعة جاءت به، والباب الذي فيه مفسدة ونخشى أن تكثر فنجزم أن الشريعة لم تأتِ به، وإننا لا نستطيع فتح كل المصالح، وقد لا نستطيع درء كل المفاسد، لكن نجتهد في أن نفتح ما نستطيع من المصالح، وأن ندرأ ما نستطيع من المفاسد، وهذا هو الذي يوافق الأصول الشرعية، وهذه من القواعد العامة المتفق عليها.
ويتضمن الكتاب الذي بلغ عدد صفحاته ثلاثاً وستين صفحة من الحجم المتوسط الموضوعات التالية: (العلماء ملح الأرض، وتعريف الفقه لغةً وشريعة، وأقسامه، وفقه الأزمات، وفقه المرجع، واجتماع الكلمة، واليقين لا يزول بالشك، وفكرة خلق القرآن، وفقه الأوليات، والجهاد بإذن الأبوين، وأول ما فرضت الصلاة ركعتان، وأول وقت فرض الزكاة، وما يجب كتمانه من العلم لأجل المصلحة، والشريعة مصدر اجتماع الكلمة، وفقه الاجتماع، وفقه القوة والضعف).
وتطرق معاليه في كتابه إلى تناول مسألة فقه الأولويات الذي يسميه بعض أهل العصر بالأهم. ويسميه بعض أهل العصر بفقه الأولويات؛ لأنه مَن لا ترتيب عنده في أيِّ وقت، وبخاصة في وقت الأزمات والمحن وتغيُّر الأحوال لا يعرف ما الذي يُقدِّمُ وما الذي يُؤَخِّرُ، وما الذي يهتم به وما الذي لا يهتم به، وما الذي يجب أن يجمع الناس عليه، وأن يسيروا فيه، وما الذي يكون فيه الخلاف مقبولاً.
|