* لندن - واس:
أكد معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي اليوم متانة وصلابة الاقتصاد السعودي.. وقال إن المملكة العربية السعودية تُعتبر القوة الاقتصادية الرئيسية في المنطقة ويصنّف اقتصادها بين أقوى 25 اقتصاداً في العالم.
وأوضح معاليه في كلمة ألقاها أمس لدى افتتاحه (مؤتمر التغيرات النفطية والاقتصادية وقطاع الأعمال في الشرق الأوسط) - الذي ينظمه المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية في وسط لندن - أن الاقتصاد السعودي يمثل خُمس إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها بما فيها تركيا.. معتبراً أن كل ما يحدث في المملكة ينعكس أثره بشكل واضح على المنطقة ككل بل وعلى الاقتصاد العالمي بدرجة ما.
وأشار معاليه إلى الثقة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية لدى المستثمرين، وقال: وبنفس الأهمية للمنطقة فإن المملكة العربية السعودية قد حظيت بمزيد من ثقة المستثمرين خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهي الحقيقة التي قد لا يفطن إليها الكثيرون من خارج المنطقة. واستعرض معاليه أداء الاقتصاد السعودي في الوقت الحاضر، وقال إن الاقتصاد السعودي في الوقت الحاضر يسجل زيادة كبيرة في إجمالي الناتج المحلى بلغت سبعة بالمائة في هذا العام، وزيادة في نشاط سوق الأسهم والتي تضاعفت أكثر من ثلاث مرات من حيث الأسعار وحجم التداول على مدى السنتين الماضيتين.
وأردف معاليه (إنه مع التزايد المطرد في نشاط سوق الأسهم السعودية فانها تحتل الآن المرتبة الـ11 عالمياً فيما يتعلق بقيمة الأسهم المتداولة، مؤكدا ان هذه المكتسبات في سوق الأسهم تعود إلى نمو حقيقي في أعمال أهم الشركات المدرجة وليس مجرد مضاربات، كما ان الاستثمارات المحلية والعالمية تتزايد بصورة متسارعة في جميع قطاعات الاقتصاد خاصة قطاعي الصناعة والخدمات.
وبيّن معاليه انه إلى جانب صناعات البترول والغاز والكيماويات والتعدين فقد شهدت قطاعات سعودية أخرى نمواً مطرداً، وهذا يشمل على سبيل المثال الكهرباء والعقارات وتحلية المياه والاتصالات والنقل والمصارف والتأمين والخدمات المالية، مؤكداً ان حجم الصادرات السعودية للخارج قد ازداد بشكل سريع.
وقال معاليه انه على سبيل المثال شهدت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية زيادة بلغت أعلى من 25 بالمائة العام الماضي، ومن المتوقع ان تكون الزيادة بشكل أعلى هذا العام.
وأبرز معالي وزير البترول والثروة المعدنية خلال المؤتمر - الذي حضره جمع كبير من خبراء الاقتصاد والسياسية ورجال الأعمال والاعلاميين - الانتعاش الاقتصادي الكبير الذي تشهده المملكة، وقال ان هذا الانتعاش الاقتصادي الكبير يستند إلى عاملين مهمين، أولهما الزيادة التي شهدتها أسعار البترول وارتفاع انتاج البترول السعودي في هذا العام والعام الماضي، وثانيهما من الناحية الاستراتيجية الاصلاحات الاقتصادية التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني - قبل نحو خمس سنوات.
وقال معاليه إنه بالإضافة إلى هيكلة بعض القطاعات مثل المياه والعمل والتجارة والصناعة اتخذت خطوات عديدة لدفع عملية الإصلاح شملت على سبيل المثال إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى في أغسطس عام 1999 والهيئة العامة للاستثمار في ابريل عام 2000 لتسهيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك إنشاء الهيئة السعودية للاتصالات وتقنية المعلومات في عام 2000 وإنشاء هيئة سوق المال في يونيو 2003، كما شملت مبادرات الإصلاح كذلك إصدار مجموعة من الأنظمة والاستراتيجيات المبسطة للمستثمرين مثل نظام الاستثمارات الأجنبية في ابريل 2000 م ونظام الاتصالات في مايو 2000 م الذي مهد الطريق لتخصيص وفتح هذا القطاع المهم أمام الاستثمارات ونظام السوق المالية في عام 2003 م الذي وضع الإطار التشريعي والتنظيمي للأسواق المالية، ونظام التأمين في يوليو 2003م ونظام ضريبة الشركات في يناير 2004م واستراتيجية الخصخصة في يونيو 2002م.
وأكد معاليه أن هذه الإصلاحات أُنجزت في مناخ من الكفاءة والشفافية مع تخفيض القيود الحكومية وتوفير المزيد من الفرص للاستثمارات الأجنبية مع التأكيد على الأخذ بأمثل المعايير الأخلاقية والتجارية مما نتج عنه تطور مهم ساهم في تعزيز الاقتصاد السعودي وزاد من جاذبية المملكة بالنسبة للاستثمارات المحلية والدولية.
واستعرض معاليه بعض المشاريع التي تمت مؤخراً في قطاعي البترول والمعادن في المملكة.. وقال إن المملكة العربية السعودية قامت مؤخراً بتخصيص لقيم الغاز الطبيعي لأربعة وعشرين مشروعاً إضافياً للبتروكيماويات والمرافق المصاحبة باستثمارات إجمالية بلغت نحو 30 بليون دولار امريكي، وهذه المشاريع الانتاجية ستنتج 20 مليون طن متري من البتروكيماويات سنوياً و3600 ميغاوات من الطاقة الكهربائية و250 مليون جالون من المياه المحلاة يومياً و2.6 مليون طن من الحديد، مشيراً إلى انه من المقرر ان يبدأ تشغيل هذه المشاريع ما بين عام 2006 إلى عام 2010 م.. كما انه من المتوقع أن يبلغ إنتاج المملكة الكلي للبتروكيماويات نحو 70 مليون طن متري في عام 2010م. وتناول معالي وزير البترول والثروة المعدنية موضوع الاستثمارات العالمية في مجال استكشاف وإنتاج الغاز، وقال إنه تم فتح الباب أمام الاستثمارات العالمية في مجال استكشاف وإنتاج الغاز في مناطق محددة داخل المملكة خلال العام الماضي.. مشيراً إلى ان الحكومة قامت باعادة هيكلة قطاع الاستثمار لتشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى المملكة.
وأضاف معاليه قائلاً: (تماشياً مع هذا النهج تم اصدار نظام امدادات الغاز وتسعيره وطريقة تطبيقه، أخذا في الاعتبار تنظيم جميع أوجه هذا القطاع المهم مع حفظ حقوق المستثمر والمنتج، كما تم اصدار نظام خاص للضرائب يطبق فقط على المستثمرين في قطاع الغاز الطبيعي، وذلك بهدف تشجيع الاستثمار في هذا القطاع المهم في المملكة). وأشار إلى أن النظام الضريبي هذا يسمح للمستثمرين بالحصول على عوائد مجزية من استثماراتهم مع تحقيق إيرادات عادلة للمملكة، وقال انه نتيجة لهذا القرار الذي تم بشفافية عالية فقد تم منح أربع مناطق استكشافية لبعض الشركات العالمية والتي بدأت فعليا نشاطها الاستكشافي في هذه المناطق. وأعرب معاليه عن الاعتقاد بأن فتح الباب أمام الاستثمارات العالمية في مجال التنقيب عن الغاز الطبيعي وانتاجه سيؤدي إلى مزيد من التوسع في صناعة البتروكيماويات في المملكة، مشيراً إلى انه قد تضاعف إجمالي طاقة معالجة الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة لتصل الآن إلى نحو 7.5 بليون قدم مكعب في اليوم، فيما توقع معاليه ان ينمو الطلب المحلي على الغاز الطبيعي في مجال استخداماته المختلفة مثل توليد الكهرباء كوقود ولقيم صناعي وفي مشاريع تحلية المياه بنحو أربعة بالمائة سنويا. وقال إنه بحلول عام 2025 ستحتاج المملكة ما بين 12 إلى 14 بليون قدم مكعبة من الغاز يوميا لتلبية الطلب المحلي.
وعلى صعيد آخر قال المهندس على بن إبراهيم النعيمي: إن المملكة قامت هذا العام بانجاز مشروع تطوير حقلي القطيف وأبو سعفة بطاقة إنتاجية تبلغ 800 ألف برميل في اليوم، وقد تم إنجاز هذه المشاريع العملاقة قبل الموعد المقرر مما أدى إلى زيادة انتاج الطاقة الانتاجية للمملكة إلى 11 مليون برميل في اليوم.
وأوضح معاليه قائلاً: (كما أعددنا مؤخراً خطة لزيادة الطاقة الانتاجية القصوى للمملكة تدريجيا إلى 12.5 مليون برميل في اليوم.. وتتطلب هذه الخطة القيام بالكثير من الأعمال في الحقول القديمة والجديدة خلال السنوات القليلة القادمة، وقد تم بالفعل تحديد المكامن والحقول لزيادة طاقتها الانتاجية).
وأكد معاليه ان خطة الاستثمار لزيادة الطاقة الانتاجية إلى هذا المستوى تعكس توقعنا باستمرار تصاعد الطلب على البترول السعودي خلال السنوات القادمة، كما تعكس في الوقت نفسه رغبتنا في المحافظة على طاقة إنتاجية فائضة لا تقل عن 51.5 مليون برميل في اليوم. وقال معاليه: وكما حدث في الماضي فقد ساعدت الطاقة الانتاجية الفائضة على استقرار السوق البترولية، وذلك بضخ المزيد من البترول في حالات نقص الامدادات أو زيادة الطلب بشكل كبير غير متوقع.. مشيراً إلى انه على المدى البعيد قد تم وضع دراسة رفع الطاقة الانتاجية للمملكة إلى 15 مليون برميل يومياً، وقال انه قد يتم البدء في تنفيذها إذا تطلب الاستهلاك العالمي ذلك.
وحول أهمية استغلال المملكة لثروتها من البترول والغاز للحصول على منتجات ذات قيمة مضافة لزيادة وتيرة النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل كشف معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس على بن إبراهيم النعيمي النقاب عن خطة لتحديث مصفاة رابغ الواقعة على البحر الأحمر، مشيراً إلى انه قد تم مؤخراً التوقيع على مذكرة تفاهم بهذا الخصوص بين شركة سوميتومو اليابانية وأرامكو لتحويل هذه المصفاة البسيطة إلى مجمع متكامل لتكرير البترول وصناعة الكيماويات.
وأعاد معاليه إلى الأذهان أن المملكة قامت بتأسيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية قبل أربع سنوات لتوفير معلومات تفصيلية حول الثروة المعدنية في المملكة، وكذلك إقرار مجلس الوزراء قبل ثلاثة أشهر على نظام التعدين الجديد استناداً إلى دراسة معمقة لخبرات الدول الأخرى وأنظمة التعدين لديها.. واعتبر معاليه نظام التعدين الجديد بأنه نظام شامل يوفر الشفافية المطلوبة ويشجع الاستثمارات في مجال التعدين.
وتوقع معاليه أن يشهد قطاع التعدين في المملكة انتعاشاً كبيراً مع تدفق الاستثمارات المحلية والعالمية ليصل النمو فيه ما بين 8و10 بالمائة سنويا. وكشف معاليه النقاب انه سيتم مطلع العام المقبل فتح العطاءات الخاصة بانشاء خط سكة حديد يربط بين أقصى شمال المملكة ومنطقة الخليج مروراً بمدينة الرياض بطول 1500 كيلومتر وبتكلفة قدرها 1.5 بليون دولار، مشيراً إلى ان هذا المشروع وغيره من المشروعات سوف يسهم عند انجازه في ضخ مزيد من القوة للاقتصاد السعودي.. وإنشاء صناعات جديدة. وتوقع معاليه أيضا أن تصبح المملكة - بإذن الله - في نهاية هذا العقد واحدة من الدول الرائدة في إنتاج الأسمدة والألومنيوم.
ونوّه معاليه بدور شركات البترول الوطنية واسهاماتها في مجالي الصناعة البترولية ورفد الاقتصاد الوطني بشكل عام.. وقال ان شركة أرامكو السعودية تعتبر مثالا جيدا على تميز شركات البترول الوطنية، وهذا واضح من خلال ما قامت به في العقدين الماضيين، مشيراً إلى انها استطاعت بعد غزو العراق للكويت في اغسطس عام 1990 من رفع الانتاج من 5.4 مليون برميل إلى 8.6 مليون برميل يومياً في غضون ثلاثة أشهر فقط، كما تمكنت من زيادة طاقتها الانتاجية بصورة مطردة من سبعة ملايين إلى عشرة ملايين برميل يومياً خلال النصف الأول من التسعينات، وحققت زيادة دائمة قدرها ثلاثة ملايين برميل يومياً، مع قيامها في الوقت نفسه باكتشاف احتياطات جديدة لتعويض ما تم إنتاجه.
واستعرض معاليه ما تم إنجازه على صعيد استثمار وتطوير الغاز في المملكة، وقال انه قد تم إضافة 54 ترليون قدم مكعبة إلى احتياطات المملكة من الغاز غير المرافق، خلال العام الماضي، وبذلك تتضاعف احتياطات الغاز غير المرافق إلى 97 ترليون قدم مكعبة مما ساهم في رفع إجمالي احتياطات الغاز الثابت إلى 235 ترليون قدم مكعبة. وبيّن ان موارد المملكة من البترول والغاز يتم إدارتها بشكل علمي وعملي، وبما يخدم مصالح المملكة والاقتصاد العالمي.
وفي معرض رده على تساؤل البعض حول ما إذا كانت أسعار البترول المرتفعة سوف تجعل المملكة تبطئ من وتيرة الاصلاح وتنويع اقتصادها وتركن إلى الاستمتاع بالدخل الوفير، أكد معاليه ان الإجابة هي بالطبع لا، وقال (لنا خبرتنا العريضة مع أسعار البترول لسنوات طويلة والتي تشهد دائما تقلبات كبيرة ولذا ندرك اهمية تطوير وتنويع روافد الاقتصاد الوطني). وقال إن أوبك لن تدرس التحول عن مبيعات النفط المقومة بالدولار رغم انخفاض قيمة العملة الأمريكية. وأضاف (لا نرى فارقاً كبيراً إذا تحولنا إلى عملة أخرى أو إلى سلة عملات. قالت جميع فرق المحللين الاستراتيجيين إنه ليس هناك ما يدعو للتغيير). وتابع (الدولار مازال مستخدماً في التجارة الدولية والدول مازالت تستخدمه لدعم الاحتياطيات...لا يجري بحث التحول (عن الدولار) بجدية).
ويرى النعيمي أن السعر الحالي للخام الأمريكي البالغ 49 دولاراً للبرميل مبالغ فيه بما بين عشرة دولارات و15 دولاراً بسبب مخاوف من نقص الامدادات والتوترات السياسية.
وقال إن هناك (علاوة على الخوف.. الخوف من التوترات والخوف من الندرة والخوف من الافتقار لطاقة إنتاجية غير مستغلة، وكل هذا الخوف أضاف ما بين عشرة و15 دولاراً لسعر الخام)، وامتنع النعيمي عن تحديد سعر عادل للنفط الخام.
وفي نهاية الكلمة أجاب معالي وزير البترول والثروة المعدنية على استفسارات وتساؤلات الحضور حول السياسة النفطية والاصلاحات الاقتصادية الجارية في المملكة.
|