Monday 29th November,200411750العددالأثنين 17 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

12-3- 1392هـ الموافق 25-4- 1972م العدد (388) 12-3- 1392هـ الموافق 25-4- 1972م العدد (388)
حصلوا على الكأس رغم الظروف السيئة..!

* بقلم - فاروق بن زيمة :
ليسوا على ملعبهم.. وليسوا بين جماهيرهم.. التعادل كان يهددهم بضياع الكأس، والمباراة في دقائقها الأخيرة.. والنتيجة ما زالت تعادل 1-1. كلا الفريقين لا يريدان التعادل.. ولا أحدهما يرضى بالهزيمة.. فسمعة الوطن شيء لا يجب التفريط فيه.
الذين في الملعب أسكرهم اللعب.. والذين في منازلهم يتابعون الوصف من المذياع بلوعة وكأنهم في الملعب بين أسواره.. المربعات الثمانية أمامهم على الورق.. والمذيع يصف المباراة.. ويتابع الكرة وهي تنتقل من مربع لمربع.. من لاعب للاعب..
الذي في منزله كان يرجح.. والذي في الملعب ينتف شعر رأسه بكلتا يديه.. واللاعب (كاد ينقى) جناح أيمن المنتخب الكيني.. وأعظم جناح أيمن عرفته ملاعب شرقي أفريقيا.. يرج بألعابه الحيطان في المنازل والمدرجات في الملعب.. وكذلك اللاعب (كادو) ساعد هجوم أيسر المنتخب اليوغندي.. كان يرعب الجماهير في الملعب حين يضع إحدى يديه على رأسه في حركات مصطنعة يوهم بها الحكام أنه يصفف شعره.. والذين في منازلهم ترتعد فرائصهم من الخوف حين تكون الكرة مرفوعة من (أودونغ) لمنطقة الجزاء الكينية.. ف(كادو) هناك.. يقف ويده على رأسه مقوسة إلى الأمام في انتظار الكرة.. فكثيرون شاهدوه وهو يسجِّل أهدافاً بيده ويحتسبها الحكم وسط احتجاج وطاقم المدافعين.
الجميع يهبون بصورة لا شعورية ويضعون أيديهم على رؤوسهم.. الذين في الملعب.. والذين في منازلهم.. (كادو) تحول إلى أكثر من واحد.. وفي أكثر من مكان. اليوغنديون يرقبون فوز فريقهم، والتنجانيكيين يرقبون هزيمة الفريق الكيني.. ويرقبون كذلك تعادله.. والكينيون فرصتهم في كسب الكأس في فوزهم على الفريق اليوغندي.. ليحولوا بينه وبين بقائه في دار السلام..
تلك كانت مباراة أقيمت عام 1961 على أستاد (ايلالا) بمدينة دار السلام عاصمة تنجانيكا سابقاً.. وعاصمة تانزانيا حالياً.. طرفي المباراة المنتخب القومي اليوغندي والمنتخب القومي الكيني.. المنتخب اليوغندي ليس له أمل في الكأس كسب تعادل أو خسر.. في حين أن المنتخب الكيني أمامه فرصة واحدة للكسب هي أن يفوز بالمباراة.. وأفراد المنتخب التنجانيكي بملابس الميدان يحتلون مكاناً في الملعب ينتظرون ما ستسفر عنه المباراة.. التي سوف تحدد نتيجتها ترتيبهم.. إما الأول وإما الثاني.. والمسابقة على كأس (وليام فرسج) الذي تلعب عليه سنوياً منتخبات كينيا يوغندا تنجانيكا وزنجبار..
أيقن الكينيون أن عنصر الوقت مهم وهو لا يعمل لصالحهم بقدر ما يعمل لصالح التنجانيكيين.. والذي يحسن استغلاله لا محالة هو الكاسب.. وبين اللاعبين الكينيين لاعب خلق ليكون لاعباً.. مخه حركة لا تعرف التوقف.. هذا اللاعب اسمه جابر علي (رزيكي).. الوقت تحوشه الدقائق إلى نهايته.. والنتيجة - كما يبدو من اللعب - ستظل كذلك (لا غالب ولا مغلوب) والكاسبون من هذه النتيجة هم الذين لا يلعبون.. لم يبق على وقت المباراة سوى 10 دقائق.. كان على (رزيكي) أن يفعل شيئاً لصالح منتخب بلاده.. ويقطع على (كادو) فرصة تحقيق ذلك.. وبالفعل اقترب (رزيكي) من زميله المهاجم الكيني المشهور (علي كاجو) وأوعز إليه بضرورة تحقيق بنلتي ليحسموا به الموقف.. وهذه هي طريقة متبعة بين الاثنين عندما تعز الأهداف.. وعندما تكون فيه هجماتهم متتالية ومتعاقبة بحيث تلحم الدفاع المضاد فيصعب اختراقه.. فكيف بالدفاع اليوغندي الذي يقوده اللاعب (موسيس) وهو من أصل كيني.. وما كان من (كاجو) إلا أن نفذ ما أمر به ودخل إلى أرض الملعب رجال الإسعاف ونقلوه بالنفالة.. وقد خامر (رزيكي) شعور بالخوف وهو يتصدى لضربة البنلتي.. إن هذه الضربة ربما ضاعت عليه.. إذن فعليه أن يحتاط لنفسه قبل أن يتأكد من الاتجاه الذي اتجهت إليه الكرة.. أعصابه فعلاً كانت مشدودة.. وربما هي المرة الأولى التي تشتد فيها أعصابه.. والحارس اليوغندي (جون اقارد) يقف أمامه متحفزاً في ثبات.. فسدد (رزيكي) قذيفة قوية.. وعلى الفور ارتمى على الأرض يتلوى وذراعاه حول ساق قدمه اليمنى.. والكرة قد استقرت في الزاوية اليمنى من الشبكة.. الوجوم خيَّم على وجوه والفرحة انبسطت على وجوه أخرى.
وبدلاً من العناق أخذ اللاعبون يساعدون رجال الإسعاف الذين تولوا نقل (رزيكي) بالنقالة.
عاد (كاجو) إلى الملعب واستؤنفت المباراة.
وبعد دقيقة كان (رزيكي) واقفاً على الخط يستأذن الحكم في الدخول..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved