في مثل هذا اليوم من عام 1945 تأسست جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية. وقبل انحلالها في 1991 كانت تتكون من ست جمهوريات فيدرالية وفيها ثلاث لغات رسمية وأبجديتان وعدد من الجماعات الأثنية المختلفة.
لقد كان هذا الجزء من البلقان عبر التاريخ نقطة تجمع لعدد من الأنظمة الإمبراطورية ومناطق النفوذ، بما في ذلك في مختلف الأوقات: الإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية والعثمانية والنمساوية والفرنسية والروسية.
وبوجه خاص إن ما يسميه هانتنغتون 1993 (خط صدع) بين الحضارات - الأوروبية- وآسيا الوسطى- الشرق أوسطية- المتوسطية - يمر عبر قلب هذا الجزء من البلقان.
وخلال القرن التاسع عشر وجدت الدبلوماسية الأوروبية في تلك المنطقة مصدراً لكثير من عدم الاستقرار بما فيها من تعقيدات أثنية وولايات قضائية سياسية متداخلة ومطامح قومية.
وهذه السلاسل من طلبات الحكم الذاتي والاستقلال كانت ظاهرة بشكل خاص في صربيا وكرواتيا. وأثارت في أوائل القرن العشرين المخططات النمساوية للتوسع الإقليمي على حساب البوسنة أزمة أوروبية كبيرة لم تتم تسويتها إلا بعد أن أجبرت روسيا وصربيا على تقديم تنازلات.
ولقد كان أحد الأسباب القريبة للحرب العالمية الأولى النشاط الثوري بين الجمعيات السرية الصربية. وكانت هذه المؤامرات الصربية موجهة ضد النمسا وبلغت ذروتها في اغتيال الأرشدوق النمساوي في سراجيفو، البوسنة في 28 يونيو 1914 ونجم عن الفشل في إدارة الأزمة في هذا الظرف الحرب بين جميع القوى الأوروبية بنهاية ذلك الصيف. وقد أخذت التسوية في نهاية الحرب العالمية الأولى بعين الاعتبار طلبات الصرب والكروات والسلوفينيين لإقامة يوغسلافيا موحدة.
ولم يوجد تأسيس يوغسلافيا في 1919 شعوراً بأمة يوغسلافية, وكانت التوترات - لا سيما بين الكروات والصرب - سمة من سمات فترة ما بين الحربين. وقد أدى احتلال ألمانيا للبلد في الحرب العالمية الثانية إلى تفاقم هذه التوترات وأدى إلى مطالبات ومطالبات مضادة بين الجماعات الأثنية والتي لا تزال جزءاً من (تاريخ) ذلك الصراع.
وقد اصطدم تعاون الكروات مع الفاشية بشكل خاص بعنف مع معارضة الصرب للاحتلال الألماني. فقد قسمت ألمانيا يوغسلافيا خلال احتلالها لها متبعة سياسة مقصودة متمثلة بمبدأ (فرق تسد)، وقد نجحت هذه السياسة عند تطبيقها نجاحاً كبيراً. وقد برز زعيم الأنصار جوزيف بروز تيتو في النهاية بوصفه الزعيم القومي - الشيوعي ليوغسلافيا.
وفي السنوات التي انقضت حتى موته في 1980 كان تيتو يعمل على إقامة توازن بين القوى الأثنية المتصارعة في البلد، وفي الوقت نفسه، اتبع نهجاً شديد الفردية في الاشتراكية وسياسة خارجية جد أصيلة. وقد دُرِست يوغسلافيا خلال سنوات الحرب الباردة دراسة واسعة ونالت الكثير من الإعجاب من أجل اقتصادها السياسي اللامركزي وتوجهها غير المنحاز.
ومنذ 1980 فصاعداً أخذت الوحدة الهشة التي كان الاتحاد يتمتع بها تتصدع. وأدى انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية في 1989 - 90 والسياسات القومية لزعامات الجمهوريات إلى أزمة دستورية في 1991 حين أصدر برلمان كرواتيا وبرلمان سلوفينيا قراري الاستقلال في يونيو.
|