تنتشر أجهزة تحلية المياه في كثير من المنازل دون أن يعرف كثير من مستخدميها كيفية عمل هذه الأجهزة والطريقة التي يتم من خلالها تحلية المياه، وهو مما أدى إلى ظهور كثير من الأجهزة التي تمثل خطراً على الصحة العامة، وتهدد بكثير من الأمراض.. فما هي طريقة عمل أجهزة تحلية المياه بالمنازل وما هي أفضل الطرق؟ والشروط الواجب توافرها في الأجهزة المثالية؟ وكيف نتأكد من يسر الماء وصلاحية إجراءات التحلية.
د. محمد موافي استشاري الميكروبيولوجي والمناعة والفيروسات ومدير المختبرات بمستشفى الحمادي بالرياض يجيب على هذه التساؤلات، فيقول: يجب أولاً: أن نعرف ما هو الماء العسر والذي يحتاج إلى تحلية والماء العسر هو ماء عادي تذوب به نسبة عالية من الأملاح وخصوصاً الكالسيوم والماغنسيوم نتيجة سريان هذا الماء في الصخور والتربة وكلما زادت نسبة أملاح الكالسيوم والماغنسيوم في الماء زاد عسره.
ويمكن التعرف على الماء العسر بعدم ذوبان الصابون فيه وذلك لتفاعل هذه الأملاح مع الصوديوم الموجود في الصابون مكونة صابوناً معدنياً لا يذوب في الماء.
وهذا هو سبب عدم تكون الرغوة المطلوبة في المياه العسرة.
وهناك عدة أنواع من درجات عسر الماء والتي تختلف من بلد إلى آخر ويقسم الماء من ناحية عسرة إلى نوعين:
*****
(1) العسر المؤقت: ويرجع إلى احتواء الماء على بيكربونات الكالسيوم والماغنسيوم، ويمكن إزالة هذا العسر المؤقت بواسطة التسخين.
(2) العسر الدائم: ويرجع إلى احتواء الماء على كلوريد وكبريتات الكالسيوم والماغنسيوم، ولا يمكن إزالة هذا العسر الدائم بواسطة التسخين ولذلك فإن استعمال هذا الماء في الغلايات يؤدي إلى ترسيب مادة كبريتات الكالسيوم والماغنسيوم على هيئة طبقة صلبة يصعب إزالتها مما يؤدي إلى تلف الغلايات.
وإزالة هذا العسر الدائم يحتاج إلى تفاعلات كيميائية.
ويضيف د. موافي والماء العسر ليس ضاراً بالصحة ولكنه مزعج في استخداماته، حيث يؤثر على كمية الكالسيوم والماغنسيوم في الطعام وتكون بقع على الأطباق والأكواب بعد جفافها وذلك لترسيب ما به من أملاح على مختلف الأدوات. كما يؤثر على الشعر وعلى طبيعته وحيويته إضافة إلى أن ترسيب الأملاح الموجودة في الماء العسر داخل أنابيب المياه يؤدي إلى عدم انسياب المياه بالكمية المطلوبة وبالتالي يصعب استخدامها في الحياة العادية والعملية وعند الاستحمام بالمياه العسرة تتكون طبقة من الصابون اللزج على الجلد مما يساعد على ترسيب الأوساخ والغبار والبكتيريا الضارة على الجلد يصعب إزالتها، وتؤدي هذه الطبقة إلى فقد حيوية الجلد ولمعانه وربما تهيج الجلد والتهابه.
كما أن الماء العسر في الغسيل يعد مزعجاً جداً وذلك لأنه لا يساعد في تكوين رغوة مع الصابون أو المنظفات وبالتالي عدم نظافة الغسيل وخصوصاً الأبيض منه وتحوله إلى اللون الرمادي، كما يؤدي إلى إتلاف الملابس وعدم تحملها عمليات الغسيل فيما بعد.
ويلخص د. موافي الأضرار الناتجة عن استعمال الماء العسر فيما يلي:
(1) في الغلايات والمواسير: يؤدي استعمال الماء العسر بنوعية المؤقت والدائم في الغلايات إلى ترسيب أملاح الكالسيوم والماغنسيوم بالحرارة وزيادة تركيزها، ويؤدي وجود تلك الطبقات المترسبة إلى أضرار كثيرة منها:
أ - تقليل التوصيل الحراري في مختلف الأوعية الحرارية.
ب - صعوبة عدم وصول الحرارة إلى السائل المسخن وبالتالي فقد وزيادة استهلاك الوقود.
ج - يؤدي وجود تلك الطبقات المترسبة إلى تكون طبقه عازلة مما يؤدى إلى عدم تبريد الأجزاء الملامسة للهب تبريداً نسبياً، وبالتالي إلى ارتفاع درجة حرارة تلك الأجزاء بشكل خطر قد يؤدي إلى انفجار الغلايات.
د - قد يؤدي الترسيب المتزايد للأملاح الموجودة في الماء العسر إلى انسداد مواسير الغلاية وانفجارها.
(2) في الغسيل: يسبب استعمال الماء العسر استهلاكاً كبيراً في الصابون المعدني غير الذائب والذي يرسب على الأسطح المراد غسلها.
(3) في صناعة الغزل والنسيج: تترسب أملاح الحديدوز والمنجنيز على الأنسجة ثم تتأكسد إلى أملاح الحديدك التي تكون بقع سمراء على الأنسجة يصعب إزالتها.
(4) تكون الصدأ وتآكل المعدن.
تحلية الماء
وحول وسائل تحلية المياه أو إزالة العسر والتنقية يقول د. موافي: إزالة عسر الماء وتتم بطرق مختلفة الغرض منها استبدال المعادن المسببة للقساوة أو العسر (الكالسيوم والماغنسيوم) بالصوديوم مما يؤدي إلى إزالة أو تقليل عسر الماء، أما تنقية الماء فالغرض منه إزالة المواد العضوية وإزالة الكائنات الحية الدقيقة والجراثيم.
وهناك ثلاث طرق لتطرية الماء وإزالة العسر بالتبادل الشاردي وهي كالآتي:
1 - دورة الصوديوم: وهي طريقة كيميائية تعتمد على إزالة أيونات الكالسيوم والماغنسيوم من الماء بإضافة أيونات الصوديوم بدلاً منها.
2 - التيار المتفرغ.
3 - نزع الشوادر.
والطريقة الرئيسية لتطرية الماء هي الطريقة الأولى وتتلخص هذه الطريقة في تمرير الماء القاسي (العسر) من خلال فرشة للمبادلات الكاتيوبية وهناك تستبدل شوادر المعادن المسببة للقساوة (الكالسيوم والماغنسيوم) بشوادر الصوديوم ويكون معدل التبادل سريعاً جداً ويتم بسهولة وبشكل كامل مهما كانت درجة قساوة الماء.
ومن هذه الطرق أيضاً طريقة كيميائية تعتمد على إزالة أيونات الكالسيوم والماغنسيوم من الماء بإضافة أيونات الصوديوم بدلاً منها ولا بد أن تتم هذه الطريقة بدقة شديدة، حيث يجب أن تضاف أيونات الصوديوم بنسبة معينة (حوالي 8 ملجم لكل لتر) حتى لا تزيد نسبه الصوديوم في الماء ويحدث التبادل الشاردي في وسط ما عندما تستبدل شاردة بشاردة أخرى، وعندما يطبق هذا المفهوم على معالجة المياه فهذا يعني أن هناك تبادلاً عكوساً للشوارد بين الطور السائل والطور الصلب.
وهناك نوعان من التبادل الشاردي:
1 - التبادل الكايتوني (التبادل القاعدي): هو استبدال شاردة موجبة (كاتيون) بشاردة موجبة أخرى.
الشوارد الموجبة التي يحتوي عليها الماء الطبيعي عادة هي: الكالسيوم - والماغنسيوم - والصوديوم - والهيدروجين - والحديد - والمنغنيز.
2 - التبادل الأيوني (التبادل الحامضي): هو استبدال شاردة سالبة (أيون) بشاردة سالبة أخرى ومن الشوارد السالبة التي يحتوي عليها الماء الطبيعي: الكلوريد والسلفات والنترات والكربونات والهيدروكسيد والفلوريد.
ولتحلية المياه العسرة عموماً يتم استبدال أيونات الكالسيوم والماغنسيوم بأيونات الصوديوم بحيث تكون نسبة الصوديوم في الماء لا تزيد عن 8 ملليجرام /لتر، ولأن الماء اليسر يحتوي على نسبة من أملاح صوديوم ينصح الأطباء مرضاهم وخصوصاً المصابين بضغط الدم المرتفع وأمراض القلب بعدم استخدام المياه المحلاة بهذه الطريقة الكيميائية (إضافة الصوديوم) واستخدام طرق أخرى لتحلية المياه. كما ينصح بعدم استخدام المياه اليسر في الزراعة أو ري الحدائق وذلك لما تحتويه من نسبة عالية من الصوديوم مما يؤثر على نمو النباتات المختلفة.
كما أن الماء اليسر يساعد على ذوبان بعض المعادن مثل الرصاص الموجود في أنابيب المياه كما يؤدي إلى خطورة شديدة عند استخدامها نتيجة لامتصاص الرصاص الذائب.
ويضيف استشاري الميكروبيولوجي والمناعة والفيروسات ويعدّ الصوديوم من أكثر الكاتيونات الموجودة في سوائل جسم الإنسان والبلازما (أي خارج خلايا الجسم المختلفة) وهي تمثل 90% من مجموع الكاتيونات الموجودة في جسم الإنسان ولذلك فإنها تلعب دوراً حيوياً ومهماً في استقرار نسبة الماء والضغط الأسموزي في السوائل خارج الخلايا المختلفة في جسم الإنسان.
ونسبة الصوديوم الطبيعية في جسم الإنسان البالغ السليم وليس في البلازما فقط تتراوح بين 135 - 150 مللي مول في اللتر.
ويتناول الإنسان العادي السليم من 130 إلى 260 مللي مول من الصوديوم في اليوم (حوالي 8 - 15 جرامات) وهي تمتص كلّها عن طريق الجهاز الهضمي، ويحتاج الإنسان الطبيعي من 1 - 2 مللي من هذه الكمية كل يوم يومياً ولذلك فالزيادة في الصوديوم يتم التخلص منها عن طريق البول والعرق.
ويؤدي نقص الصوديوم في البلازما عن 135 مللي مول / لتر إلى أعراض مرضية منها نقص كمية البول والشعور بالضعف العام وعدم القدرة على التركيز وسرعة ضربات القلب وهبوط حاد في ضغط الدم وخصوصاً عند الوقوف المفاجئ من وضع الجلوس أو النوم.
كما تؤدي زيادة الصوديوم في البلازما عن 150 مللي مول/ لتر إلى أعراض مرضية مثل الجفاف والعصبية الشديدة نتيجة الجفاف داخل خلايا الجسم وظهور ارتعاش خفيف في اليدين والقلق الزائد والحركات العضلية غير الإرادية وعدم التركيز والزيادة الشديدة في أملاح الصوديوم قد يؤديان إلى الغيبوبة.
ومن هنا تظهر خطورة أجهزة التحلية التي انتشرت في الآونة الأخيرة وتعتمد على انتزاع الكالسيوم والماغنيسيوم من الماء وتطلق مكانها الصوديوم لتصبح المياه مشبعة بالصوديوم بطريقه عشوائية وبتركيز عالٍ جداً مما يؤدي إلى العديد من الآثار الجانبية لمادة الصوديوم ومن هنا يجب الحذر من الاستخدام العشوائي لأجهزة تحلية الماء.
|