سعادة رئيس التحرير الموقر
تحية طيبة وبعد...
نشرت الجزيرة بعددها رقم 11732 الصادر يوم الثلاثاء 19 رمضان خبراً في الصفحة الاقتصادية بعنوان (100 مليون للشباب لشراء سيارات مبردة لنقل المحاصيل) والمتضمن تصريح مدير عام البنك الزراعي حول موافقة وزير المالية على اقتراح مجلس إدارة البنك بوضع برنامج لمنح قروض للشباب السعودي لتأمين سيارات نقل مبردة لنقل المحاصيل والمنتجات الزراعية المختلفة داخل الأسواق السعودية، وأن هذا البرنامج هو جزء من مساهمة البنك في إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين وتحسين معيشة العاملين بالقطاع الزراعي وخاصة فئة الشباب منهم بما يهيئ لهم مستقبلاً مشرقاً وحياة اجتماعية كريمة.
وهذا التوجه الجديد من البنك الزراعي يعكس حرص مجلس إدارته على تلمس احتياجات القطاع الزراعي وجانب مهم من الدور الاقتصادي الكبير الذي يقوم به البنك كمؤسسة تمويلية حكومية متخصصة في تمويل مجالات النشاط الزراعي المختلفة.
ولا شك أن إنجازات البنك ومساهماته المستمرة في دعم النشاط الاقتصادي الوطني لا تخفى على أحد، وأن القوة الوطنية المختلفة التخصصات والعاملة بالبنك خاصة من المهندسين والباحثين الزراعيين يقع على عاتقهم العبء الأكبر في تحقيق الأهداف المبتغاة، وترجمة سياسة التمويل والإقراض إلى أرض الواقع وجعلها شيئاً ملموساً بفضل دعم الدولة أيدها الله.
ويدفعنا هذا الخبر إلى طرح تساؤل على مجلس إدارة البنك حول تلمسه أولاً لأوضاع منسوبي البنك الذين يقعون تحت مسؤولياته المباشرة، ففي الوقت الذي يبذل فيه مجلس الإدارة والإدارة العامة للبنك كل جهود هما في تطوير وتحديث برامج تمويل القروض، وتحقيق أقصى فائدة ممكنة منها، يعيش منسوبو البنك بكل فئاتهم الوظيفية، وفي جميع مناطق المملكة وضعاً سيئاً للغاية يأتي في مقدمته التجميد الوظيفي المزمن حيث تستغرق مدة الترقية في البنك بمختلف المراتب ما بين 13 إلى 22 عاماً، هذا فضلا عن أن بدلات الدورات التدريبية والبدلات الأخرى المنصوص عليها في نظام البنك، وأهمها بدل الحقل الميداني لم تصرف حسب النظام، وإذا صرفت فهي كالفتات الذي لا يعني أي شيء مقابل الصعوبات والمخاطر الجمة التي يعانيها الباحثون والسائقون أثناء مزاولة أعمالهم الميدانية خاصة قطع المسافات الشاسعة التي تتجاوز أحياناً أكثر من 500 كيلو متر للوصول إلى أحد المواقع الزراعية في ظل وسائل نقل تتمثل في سيارات قديمة، فضلا عن أن كل مباني فروع ومكاتب البنك في مختلف مناطق المملكة هي مبان مستأجرة يفتقر الكثير منها للأثاث والتجهيزات المكتبية والقرطاسية اللازمة.
وإزاء هذه الأوضاع السيئة يقف مجلس الإدارة وإدارة البنك، وفي ظل موارد البنك المالية الضخمة التي يحرم منسوبوه من الاستفادة منها، موقف المتفرج ودون البحث مع الجهات المختصة لمساعدة منسوبي البنك ومساواتهم مع زملائهم في الأجهزة الحكومية الأخرى هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن البنك الزراعي هو أقدم مؤسسة تمويلية حكومية، ومن أصغر الأجهزة الحكومية حيث لا يتجاوز عدد موظفيه الألفين وأضخمها موارد مالية حيث قارب ما صرفه البنك من قروض وإعانات أكثر من 45 مليار ريال، ومع ذلك يتمتع منسوبوه بأسوأ وضع وظيفي على الإطلاق، في الوقت الذي استطاعت جهات حكومية أخرى أكبر من البنك بكثير في تحسين أوضاع موظفيها تقديراً منها لجهدهم وعطائهم وفق سياسة الدولة وأنظمتها.
إن منسوبي البنك الزراعي وهم لا يملكون أي وسيلة تنقذهم من الوضع الذي وضعوا فيه يأملون من رئيس وأعضاء مجلس إدارته أن يتحسسوا عظم الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه جهاز البنك الوظيفي أمام الله سبحانه وتعالى أولاً، ومن ثم أمام قيادتنا الرشيدة - حفظها الله - والنظر بكل جدية واهتمام في تحسين أوضاعهم الوظيفية والعمل على توفير سبل الاستقرار الوظيفي، ومن ثم الاجتماعي لمنسوبي البنك وعائلاتهم.
باحث زراعي سعد التركي
ماجستير اقتصاد زراعي
|