Monday 29th November,200411750العددالأثنين 17 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

ثم ماذا بعد سن الخمسين؟ ثم ماذا بعد سن الخمسين؟
نادر بن سالم الكلباني

في لهوهما البريء تتحول الدنيا بما فيها إلى مسرحية بسيطة يتقمصان فيها شخصيات مختلفة ويتخيلان واقعاً هما أبطاله من فرط اندماجهما فيه يصبح حقيقة لا يراها سواهما.. مرة هما يحلقان مع ألعابهما إلى ما وراء المريخ والكواكب التي يشاهدانها في قناة (سبيس تون) ومرة هما يقيمان حفلة يحضرها كل الذين يعرفان وآخرون من محض الخيال.. هو ابن الأربعة أعوام يستقبل اصحابه من الأولاد الذين تخيلهم وهي ابنة الستة أعوام تتخيل صاحباتها من البنات اللاتي لم تكتفِ بتخيل وجودهن فقط بل تمادت في تخيل كل التفاصيل المتعلقة بأشكالهن وملابسهن وغيرها من التفاصيل التي لا يراها إلا هن..
وتدور حوارات بريئة وعفوية بين البنات والأولاد من تأليفهما العفوي والفوري وقصص وحكايات تولدها اللحظة دون إعداد مسبق أو مراجعة فتأتي الأحداث بعفويتها وهي تتحدى المعقول وتقفز فوق اللامعقول ولكنهما لا يقتنعان أن ما يحدث إنما هو مقتصر على شخصيهما وهما يلعبان في مساحة لا تتعدى الأربعة أمتار مربعة فيصدقان ما يتخيلان من أحداث فيتخاصمان تارة.. وتارة يتصالحان ومرات أخرى يتحدى كل منهما الآخر ويتفاخران بأصحابهما غير الموجودين أصلاً فترتفع أصواتهما ويتشاحنان وإن كانت الغلبة دائماً لها بحكم أنها أكثر خبرة منه في الحياة.
يراهما وهما يلعبان ويحرص على متابعة لهوهما فيشعر أن الدنيا تقف عندهما ويتمنى لو أنه عاد صغيراً مثلهما ليلعب معهما وليلهو كما يلهيان فينسى كل شيء.. هموم الحياة ومشاغلها ومشاكل العمل والتزاماته المالية المتعسرة أو الخوف من المستقبل وما يحمله.. كم يتمنى أن تعود دنياه إلى هذه البساطة والصغر لكنه كسائر أبناء جيله الذي يوشك أن ينقرض ولد كبيراً ومرت عليه فترات الطفولة والشباب دون أن يهنأ ويعيش أحداثها وتفاصيلها فقد تحمل مسؤوليات الكبار في سن مبكرة جداً وطالما تم نهره أو توبيخه لأنه فكر في زمنه أن يلهو قليلاً.. ربما هذا الحرمان الذي يعيشه هو الذي يجعله يتمنى دائماً لو أنه عاد صغيراً.. وربما هذا الحرمان لا يزال يبقى في روح هذا الطفل الذي يبحث عن ساعة لهو دون أن يعيبه الناس لكن السؤال الذي لا تزال الإجابة عنه تؤرقه وتعيده لواقعه:
كيف يلهو من تخطى سن الخمسين؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved