يثور الجدل أحياناً في المجالس الخاصة وفي الصحف حول قيام بعض الأجهزة الإدارية بتمديد خدمة بعض موظفيها عند بلوغهم سن الإحالة للتقاعد (60) سنة وهل هذا الإجراء ضروري في الوقت الحاضر مع زيادة الخريجين والخريجات ورغبتهم الالتحاق بالوظائف العامة، وهل هو في صالح الوظيفة العامة أم لا.
وما يمكن قوله حول ذلك أن تمديد خدمة الموظف من تاريخ بلوغه سن التقاعد (60) سنة ولمدة قد تصل إلى سن (65) سنة قد مر بعدة مراحل:
- فقد كان التمديد شاملاً لمختلف المستويات الوظيفية وبدون ضوابط محددة وقد يكون السبب في ذلك قلة الكفاءات المناسبة لشغل الوظائف العامة من المواطنين السعوديين بدليل أن شغل الوظائف العامة حتى الإدارية والكتابية منها بغير السعوديين كان موجوداً في تلك الفترة التي سبقت صدور نظام الخدمة المدنية سنة 1397هـ.
- ثم قيدت صلاحيات تمديد خدمة الموظفين عند بلوغهم سن التقاعد لتكون من صلاحيات المسئول الأعلى في الجهاز الإداري وهو الوزير أو من هو في مستواه وذلك من أجل إحاطة عملية التمديد بشيء من الموضوعية تتناسب مع الوقت الذي وجد فيه هذا القيد.
* أما في الوقت الحاضر فإن الجهة المختصة بتمديد خدمات الموظفين عند بلوعهم سن التقاعد هي مجلس الخدمة المدنية وذلك من أجل إعطاء الموضوع المزيد من الموضوعية بحيث لا يتم التمديد إلا في الحالات الضرورية المتعلقة بمصلحة العمل في الجهاز الإداري الذي يتبعه الموظف المطلوب تمديد خدماته ومن أجل بلوغ هذه الغاية وضع مجلس الخدمة المدنية العديد من الضوابط التي إذا توافر أي منها يتم التمديد ، ومن تلك الضوابط:
أن يكون هناك ندرة في مؤهل الموظف الذي بلغ سن التقاعد، ومن تلك الضوابط أيضاً عدم وجود البديل المناسب الذي سيحل بدل الموظف الذي بلغ سن التقاعد، ولذلك فإن تمديد خدمة الموظفين حاليا يتم في أضيق الحدود وفي إطار هذه الضوابط، فمجلس الخدمة المدنية يتلقى سنويا المئات من طلبات التمديد إلا أنه يعتذر عن الكثير منها لعدم الندرة في مؤهلات أصحابها ولوجود البديل المناسب لشغل وظيفة المتقاعد، ويقتصر التمديد على من تتوفر لديه أحد الضوابط المشار إليها والتي من شأنها كما أشرنا ضمان الموضوعية في التمديد.
وكما تم وضع ضوابط تكفل الموضوعية في تمديد خدمات الموظفين عند بلوغهم سن التقاعد فقد وضعت ضوابط أخرى للتعاقد مع المتقاعدين تتمثل في وجود حاجة ماسة للتعاقد مع الموظف الذي بلغ سن التقاعد النظامية (60) سنة، بمعنى أن التعاقد ينبغي أن يكون نابعاً من مصلحة العمل وليس حسب رغبة الموظف، ومن ضوابط التعاقد مع الموظف المتقاعد أيضاً تحديد المقابل المادي الذي يعطى له وعدم ترك ذلك للاجتهاد .. فقد تقرر ان يعطى المتعاقد معه من المتقاعدين (40%) من آخر راتب كان يتقاضاه قبل بلوغه سن التقاعد أو الفرق بين آخر راتب له والمعاش التقاعدي المقرر له أيهما أفضل له مع منحه البدلات والمزايا حسب المرتبة التي كان يشغلها .. ومن تلك الضوابط عدم جواز التعاقد مع الموظف المحال للتقاعد المبكر وقد يكون سبب ذلك ان المتقاعد المبكر يتقاضى معاشاً تقاعدياً لا يقل عن نصف راتبه قبل إحالته للتقاعد المبكر، وعندما يتم التعاقد معه على وظيفة حكومية فكأنه جمع بين راتبين، وهو ما سيترتب عليه إضاعة الفرصة أمام مواطن آخر ليس له عمل في شغل الوظيفة المطلوب التعاقد مع الموظف المتقاعد المبكر عليها.
من ناحية أخرى فإنه يوجد مرونة في التعاقد مع أصحاب المؤهلات التخصصية والعلمية والطبية والفنية ربما بسبب وجود ندرة في هذه المجالات، حيث يجوز التعاقد معهم إلى بلوغهم سن (65) سنة بمكافأة قد تصل إلى (70%) من آخر راتب كان يتقاضاه المتعاقد معه، وللسبب ذاته يجوز التعاقد على الوظائف الفنية والحرفية ببند الأجور بمكافأة لا تزيد عن (40%) من آخر راتب كان يتقاضاه المتعاقد معه، كما يجوز التعاقد مع المستخدمين على فئات لائحة بند الأجور وبنفس المكافأة.
ونخلص مما تقدم حول تمديد خدمة المتقاعدين أو التعاقد معهم إلى ما يلي:
* أن تمديد الخدمة حالياً من صلاحيات مجلس الخدمة المدنية وأن التمديد يتم في أضيق الحدود حسب الضوابط المشار إليها وما يتمشى مع مصلحة العمل.
* ان التعاقد مع المتقاعدين يتم أيضاً عن طريق مجلس الخدمة المدنية وبالمقابل المادي المشار اليه وان التعاقد يتم عند وجود حاجة له وليس حسب رغبة الموظف، كما أن التعاقد مع المتقاعدين على وظائف بند الأجور يتم من قبل معالي وزير الخدمة المدنية وبضوابط دقيقة.
* وجود مرونة في التعاقد مع المؤهلين في المجالات التخصصية والعلمية والطبية والفنية سواء على الوظائف التابعة لنظام الخدمة المدنية أو لائحة بند الأجور.
* حصر التعاقد مع الموظف المحال للتقاعد المبكر حماية للمواطن الذي يرغب الالتحاق بالعمل الحكومي، ولتشجيع المتقاعد المبكر للمساهة في سعودة أعمال القطاع الأهلي.
* أن التعاقد مع الموظف المحال للتقاعد يكون بمكافأة بحيث إن وظيفته تكون شاغرة من تاريخ تقاعده ويمكن شغلها بشخص آخر.
* استثناء الأطباء من هذه الضوابط بحيث يتم التمديد لهم من قبل جهاتهم حتى بلوغهم سن (65).
|