هو سالم بن ناصر بن مطلق بن محمد الحناكي.
ولد الشيخ في الرس عام 1291هـ ونشأ فيها بين أقرانه من طلبة العلم يتعلم مبادئ القراءة والكتابة في كتاتيب الرس، ثم انتسب فيها إلى طلب العلم على مجموعة من المعلمين فيها منهم: الشيخ الكاتب إبراهيم بن محمد الضويان ولازمه سنين يتعلَّم منه في أصول الدين وفروعه والتفسير والحديث.
ثم طلب العلم على بعض المشايخ أولهم كان قاضي الرس الشيخ صالح بن قرناس، حيث قرأ عليه المختصرات بالتوحيد من مؤلفات آل الشيخ، وفي الفقه كتاب زاد المستقنع والراجية، وفي الفرائض الرحبية، وفي النحو الأجرومية والملحة.
ثم رحل إلى بريدة ودرس على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم وعلى ابنه الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم وهما اللذان رشحاه للقضاء في الرس، كما درس على الشيخ عمر بن محمد بن سليم وكان من تلاميذ الشيخ عبد الله بن محمد بن عثمان بن دخيل.
ثم درس في عنيزة منذ عام 1312هـ على الشيخ صالح بن عثمان القاضي والشيخ محمد أمين الشنقيطي وكان يتردد إليها عدة مرات.
ورحل إلى الرياض لطلب العلم فيما بين عامي 1311 - 1325هـ ودرس على علماء الرياض منهم الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن حسن آل الشيخ في الفقه والتوحيد، ودرس الحديث على الشيخ اسحق بن عبد الرحمن، ثم درس فيها على الشيخ سعد بن عتيق والشيخ محمد بن محمود ودرس على الشيخ حمد بن فارس النحو والفرائض كما درس على الشيخ محمد بن راشد بن جلعود والشيخ حسن بن حسين. وقد أقام فيها خمس عشرة سنة وهو مثابر على طلب العلم ويتخللها زيارات إلى القصيم للقراءة على مشايخه وكانوا معجبين بذكائه وسعة علمه ونبله.
قام الشيخ ببعض الأعمال منها: إمام ومدرس وواعظ ومفت ومرشد في جامع الرس من عام 1325 حتى عام 1340هـ كان يوجه الناس ويعمل على إصلاح ذات البين كما كان خلالها يحضر دروس العلماء في عنيزة أول النهار ثم يخرج آخره إلى الرس.
وفي عام 1340هـ عيَّنه الملك عبد العزيز قاضياً لمنطقة الرس وقراها وباديتها حتى بلدة الحناكية التابعة للمدينة المنورة. وفي عام 1347هـ انتدبه الملك عبد العزيز إلى دخنة عند قبيلة حرب فنجح الشيخ في مهمته وكان ينتدبه فكان عند حسن الظن. ثم بقي في دخنة قاضياً حتى عام 1358هـ وفي عام 1359 تعيَّن قاضياً في حريملاء لمنطقة المحمل التي منها: البرة وثادق ورغبة وسدوس وملهم وغيرها حتى عام 1362هـ، ثم تعيَّن في عام 1362 حتى عام 1365هـ قاضياً لمدينة الخرج أحيل بعدها للتقاعد وأمضى فيها باقي عمره.
للشيخ مجموعة من التلاميذ في كل المدن التي عمل فيها يجلسون بين يديه في حلق دراسية وينهلون من علمه الجم، مع العلم بأنه لم يطل الجلوس في المدن التي عمل فيها، وكان يجلس لهم في المساجد وأكثرهم من بلدته الرس منهم: الشيخ محمد بن مطلق الغفيلي قاضي العظيم والشيخ سليمان بن حمد الرميح قاضي رابغ والشيخ محمد بن مطلق الحناكي قاضي البعائث والشيخ ناصر بن محمد الحناكي قاضي الفوارة ومحمد أبو عتيق وسليمان بن عبد العزيز الغفيلي.
كان الشيخ سالم ذا خلق جم ومعاملة حسنة لطلابه، وكان واسع الاطلاع قوي الحفظ والذاكرة حاضر الجواب يحفظ كثيراً من المتون ويديم الدرس بدون سأم من كثرة المطالعة، وكان له فراسة في القضاء وعدالة بين المتخاصمين وذا غيرة على الدين كما كان حاد الطبع يصدع بكلمة الحق ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان يناصر أهل الحسبة ويوجههم، كما كان فصيحاً بليغاً إذا خطب أو تحدث ومناصراً للمظلومين عطوفاً على الفقراء والمساكين، كما كان كريماً حسن الخلق واصلاً لرحمه ويوجه طلابه في ذلك.
ويروي صاحب روضة الناظرين أن تلميذه محمد أبو عتيق يثني عليه ويقول: لولا حدّة الطبع لم يرغب أهل الرس عنه بديلاً. ويقول: لقد توالت عليه الأمراض آخر عمره وأصيب بوسوسة وتخيّلات وقال: إنه كان يحب الصلح بين الخصمين ما وجد لذلك سبيلاً وربما أورد الأدلة الشرعية قبل الحكم لإقناعهما فيه وأنه في بعض الأحيان يحكم بينهما وهو واقف.
كما كان الشيخ سالم يملك مكتبة كبيرة تضم أمهات الكتب الفقهية والعلمية المنوّعة بقيت بعد وفاته في أيدي أبنائه. كان الشيخ سالم الحناكي عندما كان قاضياً بالرس يكتب الوثائق بخط يده، حيث كتب عام 1342هـ وثيقة تسليم دين وأخرى مثلها عام 1347هـ، كذلك كان يملي على كُتَّابه مجموعة من الوثائق منها: وثيقة كتبها الكاتب محمد بن إبراهيم الخربوش بإملاء الشيخ سالم في جمادى الأولى 1346هـ وهي عن وقف دكان محمد بن عبد الرحمن بن بطي لمنفعة المسجد الداخلي بالرس، كذلك أجاز إثبات وقف رشيد بن زامل عام 1343هـ كما كان يبدأ كتابته بقوله (الحمد لله) ويختمها بقوله (وأثبته سالم بن ناصر) ويحرره بالتاريخ باليوم والشهر والسنة.
وللشيخ ثلاثة من الأبناء هم: سلمان وسليمان ومحمد وكلهم كانوا يعملون وهم على خلق كبير استفادوا من والدهم العلم والخلق الجميل.
واخيراً تفرغ الشيخ للعبادة وجلس للمواطنين يفتيهم ويستشيرونه في أمور الدين وكان مرجعاً لهم في التدريس والفتوى حتى أصابه مرض توفي منه في اليوم التاسع من شوال عام 1379هـ في مدينة الخرج، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
|