الأخ الأستاذ يوسف بن محمد العتيق - جريدة الجزيرة - صفحة وراق الجزيرة.. إشارة إلى مقالكم المنشور في صحيفة الجزيرة بالعدد 11721 وتاريخ 17-9- 1425ه والموسوم ب(مصدر أم قرينة) والمتعلق بموضوع الرواية الشفوية في تاريخنا المحلي والضوابط التي يتم الأخذ بها لقبول الرواية أو ردها، وكيفية التعامل مع عوامل الخطأ المتعمد أو غير المتعمد.
يطيب لي أن أقدم لكم الشكر على اهتمامكم بهذا الموضوع وإلقاء الضوء عليه، حيث تعد الرواية الشفوية من أهم المصادر التاريخية، ورغم ذلك فإنها لا تخلو من سلبيات ومآخذ لا يستهان بها، حيث ينظر كثير من المؤرخين إلى الرواية الشفوية بكثير من الشك والريبة بحجة أنها مصدر قابل للتحريف والنسيان والمبالغة وارتباك الذاكرة، ولا أحد يشك في مدى قابلية الرواية غير المدونة للتحريف والزيادة والنقصان، غير أنه ينبغي أن ندرك أن ذلك يتوقف على مدى مصداقية الراوي وإلمامه بالموضوع، فالرواة فيهم الثقة وغير الثقة، وهنا أهمية إلمام الباثح بهذا الجانب وقدرته على التمييز بين الأخبار الصحيحة وغير الصحيحة فيما يسجله من معلومات شفوية.
وفي هذا الجانب فإن مصداقية الراوي تتوقف على عدة أمور يتم مراعاتها في مركز التاريخ الشفوي بالدارة لدى إجراء المقابلات ومن أهم تلك الأمور: درجة الأمانة والصدق، وقوة الحفظ والذاكرة، ودرجة المعاصرة فالراوي المعاصر للحدث أكثر دقة من الراوي الناقل، ومدى الإلمام بالتاريخ، ودرجة وعي الراوي.
ويمكن معرفة هذه الجوانب من خلال قيام الباحث بالتحري والسؤال وجمع المعلومات الممكنة عن الراوي قبل مقابلته، كما أن الباحث المتمكن من عمله يستطيع بخبرته ومنهجه أن يكشف مدى دقة الراوي من خلال مناقشته وإعادة طرح الأسئلة بطرق وأوقات مختلفة وبمقارنة معلوماته بالمصادر الأخرى، وبعد تسجيل ما لدى الرواة من معلومات تأتي مرحلة التمحيص والتحقيق من قبل الباحثين المؤهلين ومن ثم إتاحة المعلومات للمستفيدين. ومنذ أوائل العام 1416هـ شرعت الدارة في تنفيذ مشروع توثيق المصادر التاريخية الوطنية عن طريق تكليف فرق عمل ميدانية من العاملين في الدارة والمتعاونين معها لزيارة مناطق المملكة ومقابلة ذوي الاهتمام بتاريخ المملكة، وتسجيل لقاءات مع المعمرين والمعاصرين، وقد أنجزت هذه الفرق الكثير من الأعمال حيث أثمرت تلك الجهود في تسجيل ما يقارب ألفي مقابلة مع المعمرين والمعاصرين ورواة التاريخ المحلي. آمل أن يكون فيما أوجزت من معلومات إجابة لما طرحتموه من ملاحظات حول الموضوع، ويسرني أن أرفق لكم نسخة من دليل إجراءات العمل بمركز التاريخ الشفوي بالدارة ونسخة من كتيب مركز التاريخ الشفوي والتوثيق الوطني بالدارة. وتقبلوا خالص تحياتي
د. فهد بن عبدالله السماري
الأمين العام |