يعتقد أهالي الشمال أن الجراد لم يأت بشكل كثيف إلا ما بين عامي 1375 - 1376ه كآخر ما شاهدوه وعايشوه في تلك السنوات، وتسمى عندهم من السنين (سنة ربيع قرار) وقراقر مورد معروف على مدى التاريخ يقع على ضفة الوادي من جهة الشمال، ويقال: إن في تلك السنة الشمس قد اختفت من كثافة أسراب الجراد وجاء على شكل أسراب كثيفة ويسمى السرب ب(عمود الجراد).
ويعتقد أهالي المنطقة بأن الجراد يأتي من تهامة قادما من أفريقيا قاطعا البحر بمسافات شاسعة لهذا يتردد في أشعارهم كقولهم (يشدا الجراد التهامي) وكلمة يشدا: يعني مثل من كثرته.
ويعتقدون أنه يستطيع قطع مسافات كبيرة يستغل خلالها اتجاه الرياح في طيرانه الطويل عبر البحر.
ويرددون بأمثالهم قولهم (إذا جاء الجراد.. ارم الدواء.. واذا جاء الفقع. اجمع الدواء) أي ان الدواء أصبح عديما لاعتقادهم ان الجراد يشفي كثيرا من الأمراض المستعصية.
فالجراد بنظرهم يأكل جميع النباتات البرية والمحلية مما ينتج عنه خلاصة ادوية يصعب جمعها من الطبيعة.
لهذا يحرصون على أكل كميات منه حين نفوره وتواجده بهذه الكميات بأسراب عظيمة فيقومون بغرزه بالأعواد الخشبية لشيّه على النار، والجراد نوعان نوع يسمى الدموني وهو يميل إلى اللون البني الفاتح حيث يخرج منه أثناء الشوي دهن مميز ولا يحرصون على اكتمال استوائه، ومن الاقوال التي يقولونها حين الشوي (بسم الله الرحمن الرحيم.. صيدا أحمر.. ذكاته الجمر) ومعنى ذكاته: أي قتله وذبحه.
ويقومون بجمع الجراد في اكياس كبيرة وطبخه وتلميحه بكثير من الملح البري (ملح الحفر).. وتنشيفه لحفظه سنوات عديدة كدواء وغذاء.
ومن أفضل أوقات صيد الجراد ليلة البرد القارسة أو في الصباح المبكر، فالجردا في ذلك الوقت لا تخرج أجنحته بل إنه يسير قفزا، ويسهل بهذا اصطياده ولهم طرق عديدة في اصطياده، ويعتبرون بعضا منها موروثا لكنه منقطع لعدم تواصل أسراب الجراد في سنوات متواصلة، فهم يعتبرونه مجرد ذكريات جميلة مع ما يشوبها من الحزن بما يخلفه على الاراضي الخضراء والمراعي من أثر كبير يؤثر في معيشة مواشيهم وإبلهم.
ويسمى النوع الثاني من الجراد: (الزعيري) وهو اقل حجما من الدموني ويميل لونه إلى اللون الأصفر الغامق.
وتبيض الجرادة كمية من البيض يقال له (النصوص) تحفر لها تحت الأرض بمقدار طويل ذيلها يقال: إنها تبقى أعواما عديدة لا تؤثر بها العوامل الجوية وتحللاتها فتظهر في وقت مناسب لا يعلمه إلا الله.
يقول الشاعر مشارع الجعيري الشراري- رحمه الله- من أشعار الالغاز وهو يعني بيض الجراد:
يا مسقم اللي بالخلا ضيعنه
ويا مراعي اللي ماله ام تراعيه
لا هو بعش ولا بضلا رفنه
قطب عليه القاع والرمل غاطيه |
ويسمى الجراد حين تفقيصه من البيض: (القيق) وهو متشابه لا يمكن ان تفرق ذكره من انثاه الا بعد ان يتهيأ للطيران، وهو أخطر الجراد في التهام المزروعات والنباتات وإزعاج الناس في كثافته ويسمى السرب كما ذكرنا من الجراد: عمودا.
وطريقة طيرانه مميزة.. حينما تراه من بعيد كأنه موج البحر ويغطي الارض بشكل كثيف لا يشعر بطريقة طيرانه فسبحانه الله تعالى خالق خلقه ومدبره وعالم أسراره فكل خلقه جنود مجندة ضعيفة وقوية يسبح بحمده.
|