ما إن بدأت الهواجس تترى في السلوك المحرج للأكاديمية حتى انهالت الاتصالات كلُّ يدلي بشيءٍ... ولا أحرج من تقاطر الأفكار، وتوالي المواقف... منه وهو يكشف عن جوانب هي في طبيعة البشر جزءٌ لا يتجزأ من خصائصهم...، لكنَّه يفتح ملفَّات التكوين الذاتي المناط بالفرد ذاته حين يستوي له من العلم، والخبرة، والدُربة، والقيم، والعادات المنظمة، والمواقف الملتزمة تجاه المسؤولية، والأمانة، وتمثّل الدَّور، والمشاركة، وكيفية التعامل مع كلِّ ذلك، ولا يكون مع هذا الاستواء قدرٍ كافٍ من حسن التناول، وحذر التفاعل، وحرص الاتقان، والإحساس بمكانة المسؤولية وحجمها وأهميتها؟!...
من الأفكار التي قدِّمت للتناول البحث في تكرار المعلومات، وضحالة الخبرات، وتقديم المعرفة بشيءٍ من التسطح، والعجلة، وعدم الاتقان...، إذ يُوجد الأكاديمي حجابٌ بينه وبين مريديه، وينشئ أسواراً عالية لا يستطيعون اقتحامها أو حتى تسلقها، فإذا ما حاك في نفوسهم استفسار، أو وقفوا أمام مشكلة، أو تعثَّرت بهم سبل التحصيل، أو شاءوا أن يفسحوا لحصيلتهم التزَّود الأكثر، والتوسع الأبعد، والغوص الأعمق، لغموضٍ حال بينهم وبين ما أخذوه عنه حين قدَّمه لهم في شكلٍ سريع مختصر وبمصطلحات غامضة غير مألوفة، دون إحالة لمراجع شافية كافية يجدون أمامهم سدود الأسوار، وأقفال الحجب،...
كما أنَّ من الأفكار التي قدّمت أيضاً للبحث فيها تلك التي تدور حول معايير اختيار الأكاديمي الذي تسند له مهمّة التعليم، أي التدريس في مراحل التعليم المختلفة، والمتفاوتة...
ذلك لأن هناك عدداً غالباً منهم في هذه المستويات تتفاوت قدراتهم، ويختلف نوع ومستوى تأهيلهم ليكونوا قادرين على مواجهة مسؤوليتهم كما ينبغي لها في مواكبة لمتطلبات المهنة في ضوء تطور أساليب وآليات التعليم وفق تدفق الخبرات وتطورها لتقابل التركيبة البشرية الممثّلة لعصرها... إذ لا ينكر أنَّ العصر الحديث أثَّرت جميع معطياته في تركيبة الإنسان فأصبح من اللائق مقابلة احتياجاته في مجال التعليم لتسدَّد هذا الاحتياج ولا يتحقق لها ذلك التَّسديد الممنهج، والمدروس، والمنظّم، والقادر بل القابل للتنفيذ إلاَّ حين يُهيأ لها أكاديمي تمكّنه مهنيته، وقدراته، وخبراته الجيدة لهذه المسؤولية فماذا إن كان كل هذا مفقوداً في غالبية من يمكّنوا من مهنة التعليم؟
ذلك سلوك محرج وأيّما إحراج للأكاديمية المتطلعة إلى تجاوز مثل هذه الهوَّات.
|