قبل وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.. أو لنقل التخلص من الرمز الفلسطيني بتسميمه، أو نقص العناية الصحية في مقر إقامته بالمقاطعة الذي احتجز فيه ثلاث سنوات يستفحل المرض لرجل جاوز السبعين عاماً وخمسة أعوام، ينقل بين الحياة والموت ليموت في أرض الغربة.قبل التخلص من عرفات سأل وزير فلسطيني شاباً عن حظوظه في تسلم الرئاسة الفلسطينية ابتسم وقال بعد أبو مازن (محمود عباس). وقتها كان أبو مازن للتو مستقيلاً من الحكومة التي شكلت بضغط أمريكي لتنفيذ الإصلاحات يومها كان الجميع يتصور أن المستقبل السياسي لأبي مازن قد انتهى، خاصة أن الرجل اعتكف وترك السلطة وجلس في بيته.
بعد أربعة عشر شهراً يعود محمود عباس (أبو مازن) ليبدأ في احتلال مراكز ومناصب ياسر عرفات الواحد تلو الآخر، عندما كان عرفات يصارع الموت سلمت رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لأبي مازن.. ورئاسة اللجنة أعلى منصب فلسطيني تنظيمي وسياسي وهو فلسطيني أهم من رئاسة السلطة الفلسطينية.. إلا أنه ولكي يمسك أبو مازن بكل خيوط (اللعبة) يتم الآن إعداد الساحة والمسرح السياسي المحلي الفلسطيني، والدولي المهيأ أصلاً لتنصيب أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية وبالانتخاب..!!
الإعداد لتسليم مناصب عرفات لأبي مازن كان ولا يزال يجري وفق الخطة المعدة التي يحرص على تنفيذها أطراف دولية وإقليمية ومحلية فلسطينية إلا أن هذه الخطة كادت تفشل بعد فتح الباب للترشيح لانتخابات الرئاسة الفلسطينية، الجهات التي تريد إخراج العملية وفق سيناريو الديمقراطية كانوا يريدون غطاءً ديمقراطياً على شرط أن يكون المترشحون تحت السيطرة ولا يهددون فرص أبو مازن، وقد أخذت الترشيحات تتوالى، كالعادة بادر الدكتور عبد الستار قاسم الذي أصبح المرشح المخضرم، يعلن ترشيح نفسه، تبعه الوزير طلال سدر أحد الوزراء السابقين المحسوبين على حركة حماس ثم مأمون التميمي ابن الشيخ اسعد بيوض التميمي قائد سرايا الجهاد، ويعلن اسم حيدر عبد الشافي مرشحاً للرئاسة إلا أن الرجل الذي عرف بقراءته الجيدة لمسار الأحداث يرشح بدلاً منه الدكتور مصطفى البرغوثي سكرتير اللجنة الوطنية للمقاومة الفلسطينية وتتواصل الترشيحات لتشمل الصحفية الفلسطينية ماجدة والبطش وتصل لفرنسا حيث يقيم حسام نزال.
كل هؤلاء لم يكن أحد منهم يهدد فرص انتخاب محمود عباس (أبو مازن) حتى أعلن عن نية مروان البرغوثي، فجندت كل الأطراف لإقناع هذه الشخصية الوطنية بسحب ترشيحها، فالبرغوثي بفعله النضالي ونظافة تاريخه التنظيمي وحب الجماهير له سيسحب البساط من تحت أبو مازن والجهات التي تسعى لتوريثه مناصب عرفات.
لا يُدرَى ماذا تم في اجتماع مروان البرغوثي وقدورةفارس الذي تم في سجن بئر سبع، إلا أن الذي عُرِف بعد ذلك أن قدورة أعلن عن موافقة البرغوثي سحب ترشيحه لانتخابات الرئاسة الفلسطينية لتنزاح آخر عقبات سيناريو توريث أبو مازن.. فهل سيكون قنطرة لقفز القائد الفلسطيني الشاب الذي أشرنا إليه في البداية بأن دوره سيكون بعد أبو مازن..!
|