خلال العشرة أعوام الماضية تحاورت مع ألف مدير مدرسة، بل إن عدد لقاءاتي بكل واحد منهم تجاوزت العشرة لقاءات. لقد كشفت لي هذه التجربة الشخصية الطويلة أن مديري المدارس يمكن تصنيفهم إلى فئات ثلاث تتواجد في مدارسنا بنسب متقاربة، الفئة الأولى هم أولئك المديرون الذين يتمتعون برؤية تربوية عميقة، ويمتلكون حسا وحماسا تربويا عاليا، فهم يعرفون تماما ما يعملونه ويدركون ما يتطلعون إلى تحقيقه من أجل إثراء تعليم طلابهم وتوجيه سلوكهم، أما الفئة الثانية فهم أولئك المديرون الحريصون فقط على أن تستمر عجلة المدرسة في الدوران دون أي اهتمام بالنتائج، فالمهم في نظرهم ألا تطفو مشاكل المدرسة على السطح، كما أن دورة العمل اليومي المدرسي في مدارسهم تتكرر بانتظام وانضباط تام، ولكن بصورة جافة مملة ومفرغة من أي روح أو رؤية تربوية مستقبلية أو تفهم للتحديات التربوية المحيطة، أما الفئة الثالثة والأخيرة من مديري مدارسنا -فئة الفلتان التعليمي- فأرجو ألا يطول بقاؤهم في موقع القيادة، ولعل السبب الذي دعا إلى الاستعانة بتلك الفئة من المديرين هو ندرة القيادات المدرسية المتمكنة الموهوبة مما دفع بصاحب القرار إلى التنازل غير الطوعي عن معاييره التربوية، وأختم قولي بذكر المسلمة التالية: إذا كان قصور أداء المعلم يطفئ منهج المدرسة وإمكاناتها فإن قصور أداء مدير المدرسة يطفئ أداء معلمي المدرسة أنفسهم ويهدم بيئة المدرسة التعليمية، حقا أن مديري مدارسنا يمسكون بمفاصل تعليمنا.
(*) كلية المعلمين بالرياض |