في مثل هذا اليوم من عام 1984 تم تبادل السفراء بين واشنطن وبغداد ولأول مرة منذ عام 1967 وكانت العلاقات العراقية- الأمريكية في ظل حكم البعث طبيعية وطيبة, إذ كان هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى دعم الولايات المتحدة للمجموعة القومية المتحالفة مع حزب البعث والعاملة في القصر الجمهوري والمخابرات العراقية, وكذلك مع حزب البعث ذاته في الوصول إلى السلطة والخلاص من الحكومة الضعيفة والقلقة المرتبطة بالتيار القومي العراقي.
وكان حزب البعث الضعيف في العراق يسعى إلى كسب ثقة العرب في الأقطار العربية وتعبئتهم على جانبه لضمان الحصول على تأييد لفروع الحزب القطرية في الدول العربية, وبأمل الوصول إلى السلطة هناك. فكانت قيادة حزب البعث في العراق تتأرجح بين نزعتين, نزعة تميل إلى تعزيز العلاقات وتوسيعها مع الولايات المتحدة واستخدامها ورقة للضغط على العلاقات السوفييتية العراقية لصالح البعث في العراق, واستخدام الورقة السوفييتية للضغط على الولايات المتحدة أيضاً. ونزعة أخرى كانت تميل إلى إعطاء الانطباع وكأن توتراً في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة بهدف ضمان التأييد العربي الشعبي المنشود لحزب البعث, وكذلك تأييد العراقيين وخاصة القوى اليسارية والديمقراطية. فكانت حصيلة ذلك بروز تفاهم بين الطرفين على مستوى القيادة, ولكن وجود توترات على مستوى الصحافة والإعلام. وتجلت حقيقة الأمر في فترة الحرب التي شنت ضد إيران واستمرت قرابة ثماني سنوات حيث برزت قوة العلاقة بين النظام العراقي والقيادة الأمريكية التي ساهمت بدفع العراق إليها.
وفي ضوء ذلك لم تبخل الولايات المتحدة بالدعم المالي والغذائي أولاً, ونصحت كل الدول المتحالفة معها على تقديم السلاح والعتاد وما يحتاجه النظام العراقي من معدات عسكرية, إضافة إلى تقديم المعلومات المهمة حول تحركات الجيش الإيراني ومواقع وجوده وتمركزه عبر القمار الصناعية ومن خلال السفارة الأمريكية. وجدير بالإشارة إلى أن القوى القومية العربية لم تجد باساً في التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة الأمريكية والنظام العراقي في تلك الفترة, بل تبنت ذلك التعاون ودافعت عنه في مختلف المجالات.
|