أوراق من دورات الخليج
قائد المنتخب في الدورة الأولى (سلطان بن مناحي) يكشف لـ( الجزيرة ) أبرز أحداثها:
خبرة الكويتيين أهلتهم للكأس الأولى..وإصابة (الناصر) هزت عطاء الوسط!

* اجرى اللقاء / خالد الدوس :
لدورات الخليج أهمية كبرى بين دول مجلس التعاون الخليجي حيث شكلت نقلة نوعية في تطور الكرة الخليجية وإحداث وثبة سريعة على المستوى الخارجي و خلالها دخلت تلك المنتخبات أبواب العالمية وعانقت الكثير من المكتسبات على الصعيد القاري والعالمي.
* ففي الوقت الذي كانت مشاركة تلك المنتخبات عبارة عن اقامة لقاءات ودية وحبيةفي حقبة الثمانينيات الهجرية .. جاءت فكرة اقامة وتنظيم أول بطولة عام 1390هـ بالبحرين لتمثل باكورة المشاركات الرسمية للرياضة الخليجية.. واستمرت بطولاتها كل عامين لأكثر من ثلاثة عقود زمنية.. كانت عنواناً مثالياً لروح المنافسة الشريفة وتعزيز أواصر التعارف وتبادل الخبرات فيما بينهم.
(الجزيرة) ومن منطلق تفاعلها مع خليجي 17 الذي سيقام قريباً في العاصمة القطرية ( الدوحة).. تستضيف عدداً من نجوم الكرة السعودية الذين شاركوا في دورات مختلفة عبر حلقات تنشر تباعاً مزودة بالحقائق التاريخية والصور النادرة والقديمة.
* واليوم نتناول احدى هذه الأسماء المحفورة في الذاكرة بعطائها الرفيع وسمعتها الطيبة.. ضيفنا لهذا العدد هو قائد المنتخب السعودي في الدورة الأولى النجم سلطان بن مناحي فتعالوا نقرأ أبرز أحداثها من خلال الأسطر التالية.
*****
البداية عام 1377هـ
* بدأت في سن 13 عاماً حيث مارست الرياضة في حي أم سليم أحد الأحياء المعروفة في وسط العاصمة الرياض ومن فريق الحي سجلت في نادي الأولمبي (الهلال حالياً) عام 1377هـ بتأثير قوي ومباشر من لاعب الهلال السابق فهد بن بداح وكان عمري آنذاك 14 سنة.
* مثلت الفريق الأزرق في الدرجة الثانية (الشباب حالياً) في خط الوسط ثم انتقلت للفريق الأول عام 1380هـ بطلب من مدربه آنذاك حسن سلطان وأتذكر أنه في عام 1380هـ لعب فريقا الهلال وشباب الرياض ضد أهلي الرياض والكوكب لقاء حبيا ووديا ومثلت الهلال في هذه المباراة التي فزنا فيها 3-2 حيث جاءت هذه المشاركة لتعزز حظوظي في ارتداء القميص الأزرق مبكراً وسط وجود نخبة كبيرة من الأسماء اللامعة والنجوم الكبار في الخارطة الهلالية يقودهم الأسطورة مبارك العبدالكريم.
* وأتذكر أنني شاركت في المباراة النهائية التي جمعت الهلال مع الوحدة في ملعب الصايغ عام 1381هـ وفزنا في هذه المواجهة التاريخية بـ 3-2 حيث أحدثت هذه المباراة نقلة نوعية في مسيرتي الرياضية وفتحت لي آفاقا أرحب نحو تحقيق آمالي وتطلعاتي الرياضية ومنها تمثيل المنتخب كأمنية يتمناهها كل لاعب وبالفعل مثلت المنتخب منذ عام 86 حتى 1390هـ.. حيث كانت آخر مشاركة لي مع الأخضر في خليجي (1) بالبحرين.
تطور مذهل!!
* ففي عام 1383هـ شكل منتخب أطلق عليه اسم منتخب المملكة للمدارس واشتركنا في البطولة العربية للمدارس بالكويت طبعاً اخترت ضمن اللاعبين وأذكر منهم جوهر السعيد والكبش وعبدالله يحيى وعمر اجخان وقتها كان عمري 17 عاماً.. وفي العام ذاته شكل منتخب المملكة الأول للمشاركة في دورة الصداقة في جاكرتا طبعاً رشحت للانضمام للمنتخب غير أن مدرب منتخب المملكة للمدارس حسن سلطان رفض انضمامي للمنتخب الأول وطلب أن أشارك في البطولة العربية وبالفعل لعبت في هذه الدورة واستفدت كثيراً رغم ان نتائجنا متواضعة طبعاً اصطدمنا بالتطور الكبير بالكويت حيث الامكانيات المتوفرة من ملاعب مزروعة ومدربين جيدين هذا فضلاً عن احتكاكهم الخارجي الجيد.
لقاءات حية
* كانت لقاءات المنتخب في الثمانينات مقتصرة على اقامة مباريات ودية وحية مع بعض الفرق أو المنتخبات الزائرة في تلك الحقبة الفارطة طبعاً أجمل لقاء لعبناه كان ضد منتخب تونس ومعروف عن الكرة التونسية خبرتها وسمعتها الكروية على الصعيد الأفريقي والعربي حيث أقيم في ملعب الصايغ بالرياض حضره سمو الأمير خالد الفيصل (مدير عام رعاية الشباب آنذاك) وكنت كابتن المنتخب.. وفزنا في هذه المباراة بـ 4- صفر كانت نتيجة مذهلة ضد منتخب معروف وعريق كتونس وأتذكر بعد نهاية المباراة هنأنا الأمير خالد الفيصل بهذا الفوز وطلب منا تحديد نوعية المكافأة التي نريدها وأذكر أن مبارك الناصر رفع يده وقال أنا يا سمو الأمير أتكلم عن زملائي اللاعبين نحن نريد مقابلة جلالة الملك فيصل وبالفعل تشرفنا بالسلام عليه - يرحمه الله - وأذكر أن جلالته تغمده الله بواسع رحمته كلاماً جميلاً مضمونه.. ولا تعتبروا هذا الفوز لكم انما الفوز مشترك بينكما أنتم واخوانكم التوانسة بلد واحد فالفوز الحقيقي هو التقاؤكم في هذا البلد بقصد التعارف والاحتكاك والتواصل!
الأولى أول مشاركة رسمية!!
* بالتأكيد تعد دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390هـ - 1970م أول مشاركة رسمية لمنتخب المملكة طبعاً كانت مشاركتنا كما أشرت آنفا في الثمانينات مقتصرة على اقامة لقاءات حبية وودية.. ولا أنسى الدور الكبير الذي لعبه الأمير خالد الفيصل.. صاحب فكرة اقامة دورات الخليج حيث اقتراح سموه اقامتها لما لها من أهداف سامية تعزز من أواصر المحبة والألفة بين أبناء الخليج طبعاً فعلت هذه الفكرة على أرضية الواقع أثناء الاجتماع التاريخي الذي شهدته أرض المنامة وضم رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم الشيخ محمد بن خليفة آل الخليفة مع رؤساء الاتحادات لكرة القدم في المملكة العربية السعودية وقطر والكويت واتفقوا على اقامة هذه الدورة في البحرين عام 1390هـ.
المعسكر 30 يوماً!!
* عقب اعتماد اقامة أول بطولة خليجية في المنامة.. أذكر أن سمو الأمير خالد الفيصل (مدير عام رعاية الشباب) أصدر - حفظه الله - تعميماً لكل الأندية التي تم ترشيح لاعبيها لتمثيل المنتخب في هذه الدورة واشعارهم بالانضمام للمعسكر الذي أقيم في بيوت الشباب بالمربع ومدته شهر تقريباً.
خسرنا الناصر في المنامة
* أثناء فترة التحضير لهذه البطولة أصيب مهاجمنا الفذ مبارك الناصر في أحد اللقاءات الودية.. تم ارساله لمستشفى الجامعة الأمريكية في لبنان لعلاجه على حساب الأمير خالد الفيصل.. نظراً لاهميته كلاعب مؤثر في صفوف المنتخب وبالفعل سافر مبارك هناك ومكث أكثر من ثلاثة أسابيع وتلقى العلاج المكثف هناك وبعد عودته سافر معنا للبحرين ولنقص لياقته وعودته من مرحلة العلاج شارك معنا ولكن بدون فعالية.
طبعاً مبارك الناصر كلاعب كان يشكل قوة اضافية لو شارك معنا!
سرية التقرير اضاعتنا!!
* وبقيادة المدرب الانجليزي جورج سكينر ومساعده حسن سلطان - رحمه الله - أقمنا معسكراً في الرياض وأذكر أننا لعبنا عدة لقاءات ودية مع منتخبي سوريا والأردن .. وأتذكر ايضا أن جورج سكنير ارسل مساعده (حسن سلطان) ليشاهد مستوى المنتخب الكويتي ويقيم لاعبيه وبالفعل سافر (حسن سلطان) هناك وشاهد عدداً من اللقاءات الودية للكويت.
وسجل تقريراً كاملاً عن المنتخب الكويتي طبعاً تضمن تقريره الذي قدمه للمدرب أن الكويت منتخب متواضع جداً ولا يملك في صفوفه الا لاعب واحد بارز هو فاروق ابراهيم - رحمه الله - ولا شك شعرنا بثقة كبيرة بأن حظوظنا أكبر في أحراز اللقب لان المنتخب السعودي كأفراد في الملعب أفضل بكثير من شقيقنا الكويت!
الكويت كشفت فارق الخبرة
* ففي أول مباراة رسمية لعبنا وهذه الدورة كانت ضد (الكويت) حيث دخلنا هذه المباراة بتشكيلة مكونة من الحارس أحمد عيد والدفاع نادر العيد وعبدالله يحيى وناصر الجوهر ويعقوب يوسف وفي خط الوسط سلطان بن مناحي وسعد الجوهر وفي خط المقدمة ساعد رزق وسعيد غراب والنور موسى ومحمد سعد العبدلي.. طبعاً تفاجأنا بأن المنتخب الكويتي مختلف تماماً عما ذكره حسن سلطان في تقريره حيث وجدناه يضم عناصر لامعة خصوصاً في خطي الوسط بقيادة فاروق ابراهيم وسطام خلف والهجوم المكون من جواد خلف ومحمد المسعود (هدافي الدورة) فلعبنا أول ربع ساعة بمستوى جماعي وتقدمنا بهدف سجله المهاجم محمد سعد العبدلي وتراجعنا بعد هذا الهدف وحاول الكويتيون ادراك التعادل إلا أن تألق خطي الدفاع والحارس بالذات أحمد عيد الذي كان في قمة حضوره وانهينا هذا الشوط بتقدمنا.
وفي الشوط الثاني دخلناه بثقة ومال الأداء للفردية وسط تفكك الدفاع ونجح الكويت في ادراك التعادل بواسطة مهاجمه النشيط محمد المسعود وأضاف الهدف الثاني في أول عشر دقائق حاولت بحكم انني كابتن الفريق تنظيم الفريق لكن المشكلة التي عانيت منها استمر الفردية على أداء أغلب العناصر خاصة في خط المقدمة فحاولنا تسجيل التعادل وسط أداء متواضع في هذا الشوط ونجح الكويت في تعزيز تقدمه بهدف ثالث سجله مهاجمه جواد خلف لنخسر هذه المباراة بـ 3-1 كان مفاجأة وكبيرة بحقنا لاننا كعناصر كنا أفضل ولكن جماعياً تفوقت علينا الكويت وبروح لاعبيها والأصرار وراء الكسب رغم تقدمنا بهدف ولكن لا أعرف بالتحديد ما الذي أصابنا في تلك الموقعة.
فشل ذريع
* بصراحة انتابني شعور بالحزن والأسى بعد تسجيل الكويت الهدف الثالث في وقت صعب فلم يدر بخلدي أن نخسر بهذه الصورة المتواضعة التي كان سببها ثلة من اللاعبين وللأسف تفرغوا للمهاترات بينهم وترك زمام اللعب للفريق المقابل.. فأنا بحكم مسؤوليتي حاولت أن أعالج الموضوع وأعيد هؤلاء اللاعبين لرشدهم في الملعب بعد المشادات الكلامية والتنافر الذي سبب هذه الخسارة ضد الكويت وفشلت.
خالد الفيصل
* من الأشياء الجميلة التي خففت عنا صدمة ثلاثة الكويت أتذكر عندما تزل بعد نهاية المباراة الأمير خالد الفيصل ودخل علينا في غرفة الملابس حيث طالبنا سموه بنسيان هذه الخسارة (المفاجأة) وأن ننظر للمباراة الثانية أمام البحرين بصورة أفضل.. ولا نفكر في فيما مضى.
وبصراحة ان حديث سموه مع اللاعبين ومعي شخصياً كان له تأثير كبير في نفسي رغم مرارة الثلاثة الزرقاء!!
نجوم الكويت
* لم يكن قائد الكويت الراحل فاروق ابراهيم النجم لوحده أمام المنتخب السعودي فقد شد نظري ولفت اعجابي مهاجمي الكويت محمد المسعود وجواد خلف اللذين سببا ازعاجاً لخط الدفاع السعودي بتحركاتهما المخيفة وانطلاقاتهما السريعة فخطف نجومية تلك المباراة إلى جانب العقل المفكر في الفريق الأزرق فاروق ابراهيم الذي اكن يقود بناء وتنظيم الهجمات بأسلوب الكبار ولولا تألق حارسنا الكبير أحمد عيد الذي نجح في الذود عن مرماه بكل شجاعة رغم الثلاثية لكانت النتيجة ثقيلة.
العبدلي خطف النجومية
* لعبنا ثاني لقاء ضد البحرين طبعاً خضنا المباراة وسط اصرار قوي وارداة صلبة لكسبها وانعاش حظوظنا في المنافسة.. حيث لعبنا أجمل مباراة في الدورة فقد كان اللعب منظما والانتشار سليما والأداء جماعياً وأهدر زملائي المهاجمون خاصة نجم المباراة الأول محمد سعد العبدلي العديد من الفرص السهلة غير أن الطريقة البحرينية التي اعتمدت على الطريقة الدفاعية المحكمة انهت هذه المباراة بالتعادل السلبي حيث ضاعفت هذه النتيجة السلبية حظوظنا في المنافسة خاصة بعد فوز الكويت على قطر 4-2 وعزز حظوظه في خطف اللقب الأول بنسبة 90%.
رشحت الغراب لشارة القيادة
* عندما تلاشت آمالنا في إحراز للقب دخلنا اللقاء الأخير ضد قطر باسماء جديدة حيث فضل المدرب اشراك مجموعة كبيرة وأتذكر أن المدرب خورج سكنين طلب مني ترشيح اللاعب لأنسب لحمل شارة القيادة بدلاً عني فرشحت سعيد غراب لانه الأكثر خبرة وحتى اضاعف من مسؤولية دخل أرض الملعب وبالفعل لعب الغراب واحدة من أفضل مبارياته وسجل هدفه جميلاً انتهينا به مشوارنا في هذه الدورة بتعادل ثانٍ مع قطر 1-1 .
* وفي اللقاء الثاني الذي تلا مباراة السعودية وقطر.. وجمعت الكويت والبحرين فاز المنتخب الكويتي على البحرين 3-1 وتوج بطلاً لهذه الدورة برصيد ست نقاط طبعاً حصل حارسنا أحمد عيد على كأس أحسن حارس ولقب هداف الدورة محمد المسعود وجواد الخلف بـ 3 أهداف كما نال لقب أفضل نجم الكويت الراحل فاروق ابراهيم واحتلينا المرتبة الثالثة كانت بالفعل مفاجأة الدورة لأن المنتخب السعودي كأفراد وعناصر أفضل من جميع المنتخبات المشاركة.. ولكن الكرة لا تعترف بالأسماء انما بالعظماء داخل الميدان.
نجوم الأولى!!
* اعتقد أن المنتخب الذي مثل الكرة السعودية في دورة كأس الخليج الأولى هو ابرز عناصر مرت على الكرة السعودية وأفضلها ولو كان هناك اهتمام بهذه المجموعة بشكل أكبر وعُززت خبرة اللاعبين لحقق الأخضر كأس الدورة نظراً لوجود عناصر بارزة في كل مركز بيد أن الظروف التي عشناها في تلك البطولة حرمتنا من تحقيق أمنية للجميع بالفوز والظفر بكأسها الغالي.