في هذه الصحيفة، وفي طيات عددها الصادر في يوم الأحد الموافق 8-10- 1425هـ سطر أحد رجالات التعليم ممن تسلم زمام الإشراف التربوي بمحافظة الخرج الأستاذ حمد القميزي وهو ممن يباشر بنفسه ما يدور في تلك المحاضن التعليمية وبحق كانت كلمات رائعة واستفهامات معبرة سبقت باستفهام ضخم يحتاج منا إلى أن نكون يداً واحدة في مناقشة هذه المشكلة ووضع دواء ناجح لها، إنه استفهام ضخم ضخامة هذه المؤسسة التعليمية العريقة بما فيها وبمن فيها بحق: لماذا لا يحب طلابنا مدارسهم؟!
لا أعلم حقيقة لماذا أجد نفسي تدفعني بقوة للمشاركة والإسهام بما في الخاطر حينما أقرأ ما ينشر حول قضية الطلاب في المدارس وما يعتريهم من قلاقل نفسية وحواجز (بشرية) تحول دونما إقبالهم بنهم على التعليم في هذه المدارس والاشتياق إليها، أحاول أن أجد تفسيراً صائباً لأعمال (الشغب) التي يثيرها بعض الطلبة في المدارس فيرجع عقلي وتفكيري خائباً وهو حسير، أعمال أصدق ما يقال عنها إنها انتقام وتشفٍ وتسطير لهموم تجيش داخل الصدور على فناءات المدرسة وأثاثها ومرافقها العامة بل وأحياناً (رجالاتها) من قريب أو بعيد، حقاً لماذا يكره الطلبة المدارس؟!
بشيء من المصداقية وجملة من الموضوعية أن يقال إن ثلة من المعلمين هم وراء عزوف الطلبة عن الدراسة وبغضهم لها - وليبيحنا كل معلم أو مناضل عن نقد هذه المؤسسة وما يجري في فروعها - نعم والله ولست أتكلم من فراغ أو ما يمليه علي عقلي ويسطره بناني، لا، وإنما هي مشاهد شاهدتها أيام المتوسط والثانوي صدرت من بعض المعلمين تجاه جملة كبيرة من الطلبة تستطيع القول والله حينما تراها بأن سلاماً على التعليم وسلاماً على المعلمين!!
إن كثيراً من المعلمين لا هم لأحدهم ولا همة ولا منى له إلا ارتقاب العشرة الأواخر من كل شهر ليجني جناه في وقت فرط فيه بهذه الأمانة العظيمة والمسؤولية الكبيرة وظلم هذا النشء بأن قدم له جرعات كبيرة من العنف ومارس معه طريقة (التربية بالقدوة) سواء شعر بذلك أم لم يشعر، قدم نفسه كأنموذج للمعلم الغليظ المنفر ونشر أمام الطلبة شيئاً من أطروحاته الهزيلة في مادته وشيئاً من استطراداته، وإذا عدنا لتلكم الجملة الاستفهامية الكبيرة محاولين الإجابة عليها لا نملك إلا أن نقول: كيف نطالب أن يشتاق إلى المدرسة وفي ذهنه يجثم كابوس يتوعده مدة أسبوع كامل بالجد والمثابرة (أكبر من طاقته وحجم استيعابه)؟! وكيف لطالب أن يبدع ويتفوق وفي وجهه يقف فأس يحطم نفسيته ويرميه بأبأس النعوت والكلمات وهذا واقع وللأسف!!، أنا لا أحاول هنا وعبر كلماتي أن أصب على المعلم المسؤولية الكبرى في تسببه في استنبات هذه الظاهرة ولكن حقيقة أن كثيراً من معلمينا وللأسف شاهدناهم على هذه الحال أو قد تزيد ونحن إذ ننقاد تجاه نقد هذه المؤسسة ورجالاتها إنما والله إيماناً عميقاً ترسخ في ذواتنا بأن هذه الكلمات لن يغفلها أصحاب الشأن والاختصاص، فما مشكلتنا هذه إلا مشكلة خطيرة إذ تتعلق بتعليم الأفراد وبناء الحضارة على ضوء هذا التعليم لا سيما إذا كان في مجاله الصحيح وخططه التي رسمت له من قبل أهله ومؤسسيه.
ولا شك ولا جدال في أن للبيئة التعليمية أثراً بالغاً في التأثير على حضور الطلبة لها والتفاعل مع برامجها وأنشطتها واحترام ما فيها من ممتلكات ومحتويات إذ أن الطالب في هذه الحال يشعر بأن هذه الأشياء وجدت من أجله هو فقط لذا تجده محافظاً ولطيفاً في استخدامها، أما إذا كانت البيئة غير ذلك فلا أظن أننا سنحصل على طلبة يتوقون إلى الدراسة.
محمد بن عبد العزيز الكريديس / بريدة |