ما يحدث في العراق حرب إبادة

أعتقد أن ما عانت منه أمتنا على امتداد تاريخه الماضي من تأصيل الخلاف والاختلاف والتحيز للرأي الأوحد وزرع الشكوك وإساءة الظنون في الآخرين
وهذا أضعف شوكتها وقلل قيمتها ولعب بعض أهل الفكر والثقافة وأصحاب القلم والكلمة بتأصيله من خلال تسيدهم زمام الإعلام من صحافة وتلفزة وبتنا معاشر المتلقين قراءة أو استماعا نستثار بأطروحات غريبة ففي عدد الجزيرة (11735) الصادرة ليوم الأحد 2- 10-1425هـ كتب محمد آل الشيخ في زاويته الأسبوعية مقالة بعنوان (بيان الـ 26 وفقه المالآت) حيث تسنم الأخ محمد زمام الإفتاء مفندا هذا البيان ولم يكتف الكاتب بذلك بل تجاوز إلى وصف المقاومة في العراق أنها ليست من أصناف الجهاد وإنها (أي المقاومة) إما أن تكون (بعثية أو من بقايا فلول القاعدة أومن فلول الشيوعيين والثوريين والاشتراكيين الذين جاؤوا من أنحاء الدنيا لمحاربة أمريكا). وهنا جرد الكاتب بعض العراقيين أصحاب الشرف والمكان وأهل المروءة والشجاعة من مقاومة جند المحتلين بل أساء الظن بالشرفاء الذين يدافعون عن العرض والأرض بأنهم أصحاب أهداف وغايات ولا أعلم هل هو مطلع على النيات وعالم بأسرار الخفيات؟ وإذا كان الكاتب يصف المقاومة بأنها ليست من (جهاد الدفع) فنقول له متى تلقب المقاومة بجهاد الدفع؟! أم أن ما تقوم به أمريكا هو جهاد الدفع بنظرك أيها الكاتب!! أليس من دافع عن عرضه وماله وأرضه يعد جهاداً أم أن الجهاد ذاب مع مصطلحات العولمة كما ذابت مصطلحات أخرى. أما ما ذكره بشأن الفئة الثالثة من المقاومة بأنهم من (الشيوعيين والثوريين والاشتراكيين والذين جاؤوا من أنحاء الدنيا حتى من أمريكا) وإذا سلمنا بصدق تحليلك أليس من المخجل والمعيب أن يأتي الغريب والبعيد والذي لا تربطنا به عقيدة ولا دم ولا مجاورة أن يدافع ويقاوم محتلاً جاء من أقصى الدنيا ليلتهم دولة ويغزوها في عقر دارها ويقتل أهلها ويشرد سكانها ويعبث بمقدراتها وينهب ثرواتها وأنت أيها الكاتب لم تستطع أن تقول كلمة حق مع إخوان لك في الدين والدم والجوار وتواسيهم في مصيبتهم وتشاركهم ألمهم وتعيش واقع أحزانهم أو على أقل تقدير تكف قلمك عن أذاهم وإساءة الظن بهم وأنت تصف قوى الاحتلال بقوات متعددة الجنسيات!! والعالم وصف اجتياح أمريكا للعراق بأنه احتلال سافر وغاشم وانتهاك للمواثيق والأعراف الدولية وأنت تصفها بأنها (قوات متعددة الجنسيات وأن انسحابها سيدخل العراق في حرب أهلية وأنك تشجع على بقائها) لمبررة يقولها الذي ليست لديه مشكلة سوى البحث عن موضوع يسد به زاويته الأسبوعية! وأنت أيها الكاتب المتابع والمشاهد لما يحدث في أرض العراق من جرائم بشعة وانتهاكات صارخة تحرمها كل الأديان السماوية وتجرمها كل الأعراف الإنسانية وتدينها كل القوانين والمواثيق الدولية فجرائم سجن أبوغريب مرورا بهتك الأعراض وقتل الأبرياء ومحاصرة المدن وتدمير المساجد وأخيراً وليس بآخر جريمة الإبادة الجماعية لسكان الفلوجة والاستهتار الواضح لحياة الأبرياء والعزل حتى الجرحى يمثل بجثثهم وما الصور التي عرضتها وسائل الإعلام الأمريكية لقيام أحد جنودها بتجهيز سلاحه صوب أحد الجرحى في أحد مساجد الفلوجة وتناقلتها وسائل الإعلام الغربية قبل العربية لتؤكد انسلاخ هذا الجندي من أدنى القيم الإنسانية كونها ذات حصانة وحماية. ومع هذا لم تُثِرك تلك المشاهد والمناظر وتستفز قلمك ليكتب ويعبر كما عبر غيرك شاجبا ومستنكرا تلك الأفعال والأعمال ومع ما حدث تؤمل وتؤيد بقاء القوات المتعددة الجنسيات على حد تعبيرك ووصفك وهي تفعل الأفاعيل بإخواننا العراقيين وتسومهم سوء العذاب ليلا ونهارا؟!