من نعم الله على هذه الأمة أن اختار لها علماء ورجالا حفظوا لها دينها بعد حفظ الله تعالى فكم هدى الله بهم من الضلال إلى الهدى ومن البدعة إلى السنة ومن الغواية إلى الهداية ومن المعصية إلى الطاعة أحبوا السنة بصدق وإخلاص لله تعالى فدافعوا عنها ونشروها بين الناس فأحيوها في قلوب الأمة وذلك لأنهم علموا أن من شرع هذه السنن ما شرعها إلا لما في خلافها من شر وأبغضوا البدعة فنبذوها وراءهم وسعوا في إماتتها ودعوا الناس إلى تركها لأنها شؤم على أصحابها ووبال على أهلها في الدنيا قبل الآخرة وذلك أن إحداث البدع استدراك على الله عز وجل ورمي الدين بالنقص وعدم الكمال وتكذيب لقول الله تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} أبعد إكمال الدين وإتمام النعمة يبتدع في دين الله ويزاد فيه ما ليس منه والله لا يحدث في هذا الدين إلا أحد رجلين إما منافق يدعي الإسلام وهو يريد أن يفسد فيه وإما جاهل أحمق وانظر أخي الكريم إلى هذه الآثار الواردة عن هؤلاء العلماء في حبهم للسنة وبغضهم للبدعة فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
(خير الدين دين محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها اتبعوا ولا تبتدعوا فإنكم لن تضلوا ما اتبعتم الأثر إن تتبعونا فقد سبقناكم سبقا بعيدا وإن تخالفونا فقد ضللتم ضلالا كبيرا ما أحدثت أمة في بدعة إلا رفع الله عنهم سنة هدى ثم لا تعود فيهم أبدا وإن أرى في ناحية المسجد نارا تشتعل فيه احتراقا أحب إلي من أن أرى بدعة ليس فيه لها مغير) وعنه رضي الله عنه أنه قال: (كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنا)
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (عليكم بالاستقامة واتباع الأمراء والأثر وإياكم والتبدع) وعنه رضي الله عنه أنه قال: (إن أبغض الأمور إلى الله البدع)
وفسر رضي الله عنه قوله تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}
قال: تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدع وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:(الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في بدعة)
وعنه أنه قال:(اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)
وعن عمر بن عبدالعزيز أنه قال:(لو كان بكل بدعة يميتها الله علي يدي وكل سنة ينعشها الله على يدي بضعة من لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي لكان في الله يسيرا) وعن عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى الناس:
(أنه لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وعن عروة عن أبيه أنه قال:(السنن السنن فإن السنن قوام الدين)
وأقول: إن البدع خراب وهدم لدين وفيما كتب به أسد بن موسى:
إياك أن يكون لك من البدع أخ أو جليس وصاحب فإنه جاء في الأثر:
(من جالس صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه ومن مشى إلى صاحب بدعة مشى إلى هدم الإسلام)
وقال يحيى بن أبي عمر الشيباني: كان يقال:
(يأبى الله لصاحب بدعة التوبة وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها) نقتصر على هذه الآثار وفي الحث على السنة ونبذ البدعة عند السلف الكثير الكثير ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتب السنة مثل:
(الاعتصام) للشاطبي رحمه الله تعالى و(الشريعة) للآجري و(السنة) للخلال وغيرها من كتب السنة وأخيرا أقول لأهل البدع والأهواء:
ارجعوا إلى سنة نبيكم ففيها الهدى والنور والصلاح والفلاح في الدنيا من السعادة وحلاوة الإيمان وفي الآخرة من النجاة من النار والفوز بشفاعة نبي الأخيار وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليما كثيراً.أ .هـ
|