Saturday 27th November,200411748العددالسبت 15 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الدار وابن العم الدار وابن العم
نادر بن سالم الكلباني

واهم من يعتقد أنه باجتهاده ومثابرته وتميز أدائه في عمله فقط يستطيع أن يحقق أهدافه المشروعة وينال الوظيفة أو المكانة التي يستحقها وتتناسب وحجم ما يبذله من عطاء وما يمتلكه من كفاءة وقدرة، وواهم جداً من يعتقد أنه سينال حقه كاملاً عندما يتم إجحافه أو التعدي على حقوقه بمجرد عرض المسألة على المسؤولين وأن الحق والمنطق هما الفيصل في تظلمات الموظفين لضمان الحقوق..
فالمسألة لا تقتصر على هذا بل تتطلب بالدرجة الأولى وكشرط أساسي أن يكون للموظف في الدار ابن عم أو بمعنى آخر شخص مسؤول يسانده ويتوسط له ويهتم لأمره وغالباً يغنيه هذا عن بقية الاجتهادات والمتطلبات العملية الأخرى.
في كثير من القطاعات يوجد العديد من الموظفين الأكفاء القادرين على ضبط زمام الأمور والمتسلحين بالعلم والخبرة والقدرات الفردية والذين يستطيعون لو مُكِّنوا في وظائفهم من إحداث الفرق الواضح بين ما هو كائن وما سيكون، لكنهم وللاسف لا يزالون يقبعون في دهاليز العمل دون وجود يذكر لا لشيء سوى انهم لم يجدوا من يهتم بهم ويدفعهم ليتبوأوا المكانة التي يستحقونها.
ويفوز بالمراكز القيادية أو المتميزة أولئك الذين تمكنوا بشكل أو بآخر من أن يجدوا من يساندهم ويحابيهم حتى وان كانوا الأقل في كفاءتهم العملية وحجم عطائهم.. ونرى في واقعنا الوظيفي ما تدمى له القلوب، وظائف تحجز ولا يعين عليها أحد حتى يتم تهيئة شخص كل مؤهلاته انه من طرف هذا أو ذاك، ووظائف تستحدث وتحور مهامها لتناسب من استطاع أن يبرز خطاب التزكية أو التوصية من أحدهم..
وحقوق تهضم لا لشيء سوى ان صاحب الحق من غير الواصلين الذين يتمتعون بالمميزات على غيرهم من الموظفين.. مدراء ادارات لا يملكون سوى اسمائهم، وموظفون لا يحضرون لمواقع أعمالهم ومع هذا ينالون كل الميزات والترقيات التي لا يحظى بها الذين توهموا انهم باجتهاداتهم سيحققون بعض طموحاتهم أو ينالون بعض ما يستحقونه.
في النظم الإدارية برامج لتقويم الأداء وبرامج للتسابق الوظيفي وتقارير عملية ترفع عن هذا الموظف وذاك.. لكنها مجرد شكليات تنتهي وتلغى بمجرد أن يبرز عن أحد الموظفين ما ينم عن أن له في الدار ابن عم يرعاه ويهتم به ليتخطى كل هذه الشكليات ويفوز بالمكانة التي لم يكن ليفوز بها لو سارت الأمور في مسارها الصحيح، والمشكلة لا تقتصر على هذا التجاوز الخطير لحقوق موظفين بذلوا ولا يزالون من جهدهم وعطائهم ووقتهم، لكن الاثر الذي سيبقى والذي ستصعب معالجته عندما يفقد المتميزون الحس الوظيفي والرغبة في العطاء والمشاركة وما سيترتب على ذلك من اثار سلبية على ما يستهدف من النهوض بممارساتنا واعمالنا الوظيفية.
نحن في زمن غلبت فيه العلاقات والمحسوبيات على كل المعايير الأخرى، فإذا كنت من الموظفين الذين لا يزالون يتوهمون عليك أن تبادر إلى بناء علاقات غير عملية أو البحث عمن يستطيع أن يُبرز جهدك، فبقليل من الكفاءة والمقدرة مع كثير من المعرفة والمحسوبية ستحقق ما لا نتصوره، واعلم أن تميز عطائك واجتهادك في عملك دون مساندة أحدهم لن يقوداك إلا إلى مزيد من الإحباط والإجحاف والضياع بين دهاليز المكاتب دون ذكر أو وجود واضح، وإن لم تتمكن فليس أمامك إلا الانضمام إلى فريق الموظفين (الغلابة) والصبر ثم الصبر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. وعلى الله الاتكال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved