انفتحت شهية الوسطاء الغربيين للتسوية بعد رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وهم مطالبون الآن بالمضي قدما في هذه العملية وإثبات أن هجمتهم السلمية تستهدف استقرار المنطقة واحترام خيارات أهلها بدءاً من فلسطين التي تتركز جهودهم حاليا عليها.. وإنهم لا يتحركون - فقط - استجابة للظروف الجديدة التي تتمثل بصفة خاصة في غياب عرفات، ومن ثم مسارعتهم إلى دعم الأشخاص الذين يفضلونهم، بل من المهم أن تكون تدخلاتهم مستجيبة للتطلعات الفلسطينية.. وسوف يستفيد الفلسطينيون من هذه التدخلات، إذا كانت فعلا صادقة وتنحاز إلى السلام العادل والشامل، أما إذا كانت مجرد مسارعة إلى فرض الأجندة الغربية على القيادة الفلسطينية المرتقبة فإن ذلك سيعني أننا أمام فترة أخرى طويلة من عدم اليقين التي تستفيد منها إسرائيل- بصفة خاصة - المتطلعة دوما إلى إبقاء الأوضاع على ما هي عليه..وسيلحظ الفلسطينيون أن الهجمة الدبلوماسية الجديدة تأتي في أعقاب إهمال غربي كامل للسلطة الفلسطينية تجاوبا مع سياسات إسرائيلية وأمريكية تنظر إلى عرفات على أنه معوق للتسوية، لكن عرفات كان يتمسك بالثوابت الفلسطينية ومن بينها التمسك بالقدس المحتلة كعاصمة للدولة المنتظرة وعدم التنازل عن حق اكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في العودة ورفض المستوطنات، ولن يكون بوسع اي قيادة فلسطينية أخرى المساومة حول هذه العناصر وإلا فإنها ستفتقر إلى تأييد الشعب الفلسطيني.
ومن المهم أن تتركز الجهود الغربية على إسرائيل لحملها على التجاوب مع موجبات التسوية العادلة والشاملة..
والفرصة مواتية أمام الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا لإصلاح شرخ يتواصل اتساعه في الساحة الدولية بين العرب والمسلمين من ناحية والعالم الغربي، بسبب الاحداث المتوالية بدءاً من اعتداءات 11 سبتمبر ومرورا بالحرب في أفغانستان ووصولا إلى الأوضاع المأساوية الحالية في العراق وفلسطين.. ومن شأن تحرك غربي جاد في فلسطين أن يعيد قدراً من المصداقية للعلاقات بين الجانبين يمكن استثماره لصالح الاستقرار في كامل المنطقة، ومن ثم إطلاق فترة جديدة من التعاون التي من شأنها إتاحة العمل معا لمواجهة المشاكل القائمة.
|