كل إنسانٍ يتوق إلى التعامل الأمثل مع الآخرين، ويحبُّ أن يجد من عناية الآخرين به، وتفهمهم لآرائه ما يُشعره بقيمة وجوده في الحياة.
ولعل القاعدة النبوية الذهبية التي تقول: (أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك) هي القاعدة الأعمق التي يقوم عليها صرح التعامل الأمثل بين البشر.
فالإنسان إذا أحبّ للناس ما يحبُّ لنفسه أصبح حريصاً على استخدام أفضل الأساليب، وأمثلها في تعامله مع الآخرين، وهنا يتحقق الوئام والسلام في المجتمعات البشرية، وترتفع المعنويات، وترتقي النفوس، وتتحقق الجودة في الأداء عند البشر.
فإذا أضفنا إلى ذلك قواعد ذهبية أخرى في التعاون، وصلنا إلى ما نريد من التعامل الأمثل الذي نتوق إليه.
ونعني بذلك قواعد الإيمان بأن عطاء الله في الدنيا شامل لجميع الخلق، وأنّ الإنسان جنسٌ مكرَّمٌ على غيره من المخلوقات، وأن التلطّف واللين مع الحزم والقوة من أهم أساليب التأثير في القلوب، وأن الحوار الواعي القائم على الحجة والإقناع مهم لتوصيل الأفكار والمبادئ إلى الآخرين وأن التواضع وعدم الاغترار بالنفس وعلمها ومعرفتها وثقافتها من أهم عوامل التقارب بين الناس، ومن أهم مفاتيح القلوب، ونعني بذلك أيضاً القاعدة الأعظم والأهم ألا وهي قاعدة الثقة بالله أولاً، ثم بطاقات النفس المستقيمة على منهج الله وقدراتها، وقوتها في أداء الحق، وما يتبع هذه الثقة بالله سبحانه وتعالى من عدم الشعور بالإحباط واليأس والقنوط أمام مشكلات الحياة ومصاعبها.
وما يترتب على هذه القواعد الذهبية من استخدام أفضل الكلمات في التخاطب مع الآخر للوصول إلى قلبه، ومن الإعداد اللغوي الممتاز وتكوين الثروة اللغوية التي تحقق للإنسان القدرة على التعبير الأرقى عن أهدافه ومراميه، واختيار الكلمات الأفضل لمخاطبة القلوب، وما يرافق ذلك من الصبر وسعة الصدر وعدم التبرُّم من أسئلة الآخر والإجابة عنها بعلمٍ وبصيرة، وعدم الإحساس باليأس من تأثير الموعظة والكلمة الطيبة في المعاندين، والمتشدِّدين في معارضتهم، وعدم النزول إلى المستويات المتدنّية من السباب والشتائم، وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام، وعدم تكليف النفس فوق طاقتها، وغير ذلك من الصفات والأساليب التي تكوّن البناء الشامخ للتعامل الأمثل.
تلك القواعد، وهذه الأساليب والأدوات لاتكاد تخرج عن التوجيه النبوي الكريم: (قل آمنت بالله ثم استقم)، و(أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك).
إننا -نحن المسلمين- نملك من أدوات وأسباب التعامل الأمثل ما يمكن أن نحمل به العالم كلّه على راحة الطمأنينة والسلام والإنصاف وحسن الأخلاق، مع القوة الراشدة والثبات على الحق.
إشارة
لاتيأسي، ليل الشتاء سينجلي
والفجر سوف يزفُّ صوت البلبُلِ |
|