** لأول مرة منذ طفولتي المبكرة أشعر بأنني أُحرم من شيء بمبرر لا أقتنع به، ولا أجد له أي مسوغ شرعي أو اجتماعي أو ثقافي.
** كانت حياتي السابقة ميداناً أركض فيه كمهرة عربية لا تقف أمامها الحواجز، ليس لأن الحواجز عالية جداً أو منخفضة جداً فأعبرها بسهولة، بل لأنني كنت أجيد اختيار الدروب السالكة، لكنني اليوم وآلاف النساء لا ندري لماذا مُنعنا من المشاركة الشعبية في أول أطر المشاركة المجتمعية العامة.
** لأول مرة يقال لي: لا.. ولا أجد درباً سالكاً حتى لو كان بعيداً فأتخذه.. ابتعدي هناك.. كل ما أسمعه..
قفي لتتفرجي فقط، فأنت امرأة.. وصوتك غير معتَدٍّ به.
** فلم لا يقال لي هذا حين أخرج لعملي..
وحين أدخل عيادتي..
وحين أكون في مدرج الجامعة..
وحين أكون في سوق البورصة والأعمال..
حين يجيء أمر تسجيل اسمي كمواطن له رأي في أمر لا يصل لمستوى حساسية ما أشارك فيه من أعمال بصياغة فكر جيل أو تطبيب أجساد أو مساهمة مالية مع الرجل في كل صروف الحياة؟!
اليوم الانتخابات البلدية تقصي النساء، وغداً كل الخطوات التطويرية التي سيشهدها المجتمع سيقال فيها: إن دور النساء يأتي لاحقاً..
ومتى تكون لاحقاً؟!
وحتى لو أتت فإنها ستكون بلا معنى.. فلم تعامل المراة كإنسان درجة ثانية في مسألة وطنية مهمة؟!
** لأول مرة أتذوق مرارة التفرقة..
فقد كنتُ وما زلتُ إنساناً أعرف واجباتي وحقوقي، وأجد في مجتمعي الذي أتعايش معه اعترافاً كاملاً بأنني شريكة في تفاصيل الحياة مع الرجل.
** لم أشعر يوماً أن القبيلة تملي عليَّ فروضها، ولم أشعر يوماً أن المجتمع يكبِّلني بقيوده..
إنني اليوم أتعثر في خَطْوِي..
أقف في نقطة المنتصف..
أنظر كثيراً لكل ذلك الشجن الذي تشعر به المرأة حين تكون مكتملة النضج الثقافي وتُقصى عن الترشيح والتصويت؛ لأن الإمكانات تقصر دونها، ولأن التجربة جديدة، ولأن ولأن..
** هل كان قرار وزارة البلديات إرضاءً لبعض الرجال الذين خافوا من قدرة النساء في الدأب والعمل والنزاهة والحرص على مصالح الناس والاهتمام بالبيئة؟!
هل كانت مراكز تسجيل الانتخاب ستكون شبه فارغة لو أن المرأة سمح لها بتسجيل اسمها كمواطن يحق له أن يشارك ويختار ويقرِّر؟!
** إذا كان الله سبحانه وتعالى قد أعطى المرأة حق الاختيار في أن تكون صالحة أو طالحة.. عابدة أو عاصية، وقرَّر لها الجزاء الذي يناسبها في الآخرة جنةً أو ناراً، إذا ما كانت المرأة مساوية للرجل في أخطر قرار في حياتها، وهو سبب الوجود وتكليف الخلق، فهل تقصر المرأة دون الرجل في شؤون الحياة وإعمار الأرض؟!
** إنني ضحية أسئلة كثيرة تداهمني الآن..
** لقد تحمل المجتمع الكثير من التهم في أنه هو المعرقل لتطور المرأة..
مع أنهم أمام الملأ يرتدون (بشت) المؤيد لها النصير لخطواتها في المشاركة التي تتمثل بها التاريخ الإسلامي التي هي حفيدته!!!
وعلى الرغم من أن الدولة في قراراتها العامة تحرص على إشراك المرأة ودعمها، إلا أن تفاصيل ما يحدث لا يخدم هذا التوجه النبيل الذي تتبناه الدولة.
فاكس 012254637
|